١٨٥٨ م فخلفه السلطان علي ثم السلطان يوسف وكان الثلاثة أشد أنصار السنوسية.
وقويت السنوسية كثيراً في أيام السيد محمد المهدي فكانت زواياها منتشرة من الغرب الأقصى إلى الهند ومن وداي إلى الأستانة لكنها لم تتمكن من مزاحمة الطرق الأخرى في الهند والممالك العثمانية. وهذه الزوايا كثيرة جداً في الصحراء الكبرى وشمال أفريقية وفي كل زاوية خليفة يدير شؤونها ويبايع الناس فيها ويعلم أولادهم القرآن ومبادئ العلوم ويقتني الماشية ويشتغل بالزراعة بمساعدة المريدين فينفق على الزاوية وما فضل يرسله إلى شيخه السنوسي فصار محمد المهدي كأنه ملك يجبى إليه الخراج.
ولما قام محمد أحمد المهدي بدعوته في السودان أوفد إليه السنوسي رسولاً بطريق ودّاي يستعلم منه عن دعوته فوصل الرسول بعد استيلاء المهديين على الأبيض ورأى من القتل والسلب ما اشمأزت منه نفسه وما لا ينطبق على مبادئ السنوسيين فعاد وأخبر بما رأى فعزم السنوسي على أن لا يكون له أقل تعلق بمهدي السودان وكتب إلى سلاطين وداي وبونو وغيرهما يحذرهم من الانتصار له. وكتب إليه المهدي كتابين طلب منه في أحدهما أن يكون أحد خلفائه الأربعة وفي الآخر أن ينصره على الحكومة فلم يرد عليه جواباً.
ومازال السنوسي يزداد نفوذاً حتى خاف السلطان عبد الحميد عاقبة الأمر وبث عليه العيون والأرصاد فأحسّ السنوسي بذلك وارتحل سنة ١٨٩٤ م إلى واحد الكفرة في الصحراء الكبرى بعيداً عن الحكومة ثم انتقل سنة ١٩٠٠ إلى قروفي دار قوراني من أعمال ودّاي فلقيه أهاليها بكل ترحاب وبنى زاوية هناك في مكان حصين على رأس أكمة وأقام فيها. وكان الفرنسويون قد تقدموا في البلاد ففتحوا برنو سنة ١٩٠٠ وقتلوا سلطانها رابح الزبير ثم فتحوا باقرمى فحاول السنوسي أن يمنعهم من الاستيلاء على بلاد كانم وهي في الصحراء إلى الشمال الشرقي من بحيرة تشاد وكان له فيها زاوية في مكان حصين فزحف عليها الفرنسويون سنة ١٩٠٣ م وفتحوها عنوة فاغتمَّ لذلك كثيراً ومات في ٣٠ مايو من السنة نفسها فوضعت جثته في تابوت صنع لها في قرو ونقلت إلى زاوية التاج وهي الآن في خيمة هناك. وخلفه ابن أخيه واسمه أحمد شريف ويقيم الآن في واحة الكفرة بعيداً عن الفرنسو يين.
ولا يعرف عدد السنوسيين تماماً لكن أكثر أهالي طرابلس وبرقة والجانب الشرقي من