بن العاص العربة من أرض فلسطين فبلغ الروم ذلك فكتبوا إلى ملكهم هرقل وكان بالقدس فقال أرى أن تصالحوا المسلمين فوالله لأن تصالحوهم على نصف ما يحصل من الشام ويبقى لكم نصفه مع بلاد الروم أحب إليكم من أن يغلبوكم على بلاد الشام ونصف بلاد الروم فعصوا أمره فسار حتى نزل حمص وأعدَّ الجيوش والعسكر وسير لكل أمير جيشاً يفوق جيشه عدة فهابهم المسلمون فشاوروا عمرو بن العاص فأشار عليهم بالاجتماع لكثرة عدوهم فكاتبوا أبا بكر بذلك فأشار عليهم بمثل رأي عمرو وقال أن مثلكم لا يؤتى من قلة وإنما تؤتون من كثرة الذنوب فاحترسوا منها كلمة قالها خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحانه تكون النصرة له مهما كثف جيش العدو وتضاعف. والعاقبة للمتقين.
وقعة اليرموك
فاجتمع الأمراء باليرموك والروم أمامهم وبين الفريقين خندق فكان الروم يقاتلون ويحتجزون بالخندق فأقاموا كذلك ثلاثة أشهر حتى طلع عليهم خالد بن الوليد في ربيع الآخر بجيشه الذي جاء به من العراق وهو تسعة آلاف وكان جيش الأمراء سبعة وعشرين ألفاً فصاروا ستة وثلاثين ألفاً وصادف وصول ماهان أحد قواد الروم بجيش عظيم مدداً للروم فكان جيش الروم مأتين وأربعين ألف مقاتل منهم ثمانون ألفاً مقيد وأربعون ألفاً مسلسل للموت وأربعون ألفاً مربوطون بالعمائم لئلا يفروا وكان المسلمون يقاتلون متساندين أي كل أمير على أصحابه فجمعهم خالد وخطبهم وبين لهم الخطأ في قتال كل أمير على حدة وأشار عليهم أن يتأمر كل يوم واحد منهم على الجيش كله وأنه يكون الأمير عليهم أول يوم فأطاعوه وأمروه فخرجت الروم في تعبية لم ير الراؤون مثلها وخرج خالد في تعبية لم تعبها العرب قبل ذلك فإنه جعل الجيش كراديس (أي كتائب) كل كردوس ألف رجل وقال أن العدو كثير وليس تعبية أكثر في نظر العين من الكراديس فقال له رجل ما أكثر الروم وأقل المسلمين فقال له خالد ما أكثر المسلمين وأقل الروم إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان والله لوددت أن الأشقر (يعني فرسه) براء من توجيه وأنهم أضعفوا في العدد وكان قد حفي في سيره من العراق إلى الشام ثم أنشب خالد القتال فاقتتل الناس والتحم الفريقان وأظهر خالد في ذلك اليوم من الشجاعة الإسلامية ما يعجب منه ثم إن الروم حملوا حملة أزالوا بها المسلمين عن مراكزهم فنادى عكرمة من يبايع على الموت