العلماء تعظيماً للعلم لا عجباً ورياء أما القيام للأمراء فيطلب للمداراة وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قام لبعض الصحابة كعكرمة وعدي رضي الله عنهما وأقر حسان بن ثابت عندما قام له وحمل الحديث على أن الأمر بالقيام لسعد كان للتعظيم أولى من حمله على القيام لأجل تنزيله عن الدابة لمرض به أهـ لأنه لو كان كذلك لأمر البعض لا الكل ولا ينافي استحباب القيام مارواه الإمام أحمد وغيره عن معاوية بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أحبَّ أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوء مقعده من النار) لقول شراح الحديث كالإمام الطبري غيره هذا الخبر إنما نهي من يقام له إذا أحبه تكبراً لا من يقام له إكراماً ورجحه الإمام النووي قائلاً الأصح والأولى بل الذي لا حاجة إلى ما سواه أن معناه زجر المكلف أن يحب القيام له فهو المنهي عنه فلو لم يخطر بباله فقاموا له فلا لوم عليه أهـ وأما ما روي أن الصحابة كانوا إذا دخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقومون له لما يرون من كراهته له فهو من تواضعه وشفقته صلى الله عليه وسلم بأمته زاده الله شرفاً إذ هو سيد المتواضعين حتى أنه كان يعفو عمن انتقصه كما هو معلوم من سيرته لا إنَّ القيام منهي عنه وإلاَّ لما أمر به وفعله لغيره وكذا ما ورد عنه عليه السلام (لاتقوموا كما الأعاجم يعظم بعضهم بعضا) فهو محمول على محبة القيام تعاظماً وتكبراً بدليل كما تقوم الأعاجم فإذا ثبت أن القيام مطلوب للتعظيم والإكرام لأهل الشرف فكيف يمنع منه عند ذكر مولده صلى الله عليه وسلم تعظيماً له بل إنه أولى وأحق من القيام لأحد أمته وقد نص غير واحد من الفقهاء الأئمة الأربعة ومن المحدثين وأهل السير على استحبابه فالذي ينبغي أن يُعول عليه ولا يلتفت لغيره استحبابه وتأكده لعموم المسلمين ولا يغتر بقول ابن حجر الهيتمي في فتلواه من أن الناس إنما يفعلونه تعظيماً فالعوام معذورون بخلاف الخواص أهـ.
فهذا هفوة منه بل الخواص أحق بتعظيمه صلى الله عليه وسلم وقد فعله العالم الشهير تقي الدين السبكي وغيره ممن لا يحصى واستمر عليه العمل إلى يومنا هذا ويستمر إن شاء الله إلى يوم القيامة ولا ينكره ويحرمه إلا متبدع غالٍ فإن تخيل له أنه بدعة مذمومة بل البدعة تعتريها الأحكام الخمسة كما هو معلوم فكم من بدعة هي فرض أو واجب كتدوين العلوم الدينية ورد الشبه على الفرق الضلالية الذين هذا المانع منهم فليت شعري ماذا يقول هذا