وأخذوه قضية مسلمة لا ريب فيها وإذا قيل لهم قال الله ورسوله طفقوا يؤولونه على حسب أغراضهم مما لا يرضاه الله ورسوله.
رأيناهم إذا ولي عليهم رجل يحب الدين وينصره ويهجر الفسق ويقاومه سلقوه بألسنة حداد وآذوه بكل أنواع الإيذاء ولقبوه بالمتدين الصالح سخرية واستهزاء. كل ذلك وأضعاف أضعافه يجنيه أولئك الذين يسمون أنفسهم (المصلحين) ثم إذا زجرهم علماء الدين الذين انقطعوا للعلم والتعليم ووقفوا أنفسهم لخدمة الدين قاموا عليهم يشتمونهم ويموهون على العامة بأنهم يتكلمون بذلك لحاجة في نفسهم أو عداء للإصلاح ورفضاً لكل جديد مع أن أولئك العلماء لم يقاوموهم بالحجة ولم يطلبوا منهم إلا أن يرجعوا إلى الحق ويعترفوا به ولكن ما دام أولئك المغرورون يعتقدون بنفسهم الإصلاح ويتبجحون بالباطل من قادتها أن يضعوا حداً لذاك الأمر الذي إذا دام على هذا النسق كان سبباً لفساد الأمور وضياع الحقيقة. من لنا بأن يعرف هؤلاء السفلة أقدارهم ويقفوا عند حدودهم ويرجعوا عن تضليل العامة والتسلط على الخاصة فإنهم لا تقنعهم الحجة ولا يردعهم البرهان. لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل.
فاللهم ألهم العلماء أن يصرفوا أوقاتهم إلى تحذير العامة من غوايتهم وأضاليلهم وأنزل على أوليائك روحاً من عندك وهبهم ثباتاً على إظهار دينك والانتصار لشرعك.
ونصيحتنا لهؤلاء الذين يغررون بالأمة في أقوالهم وأفعالهم أن يذكروا يوماً يرجعون فيه إلى الله يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ويرجعوا عن تضليل العامة وتسفيه الخاصة والتلاعب بدين الله وأن يعلموا على ما يرقي الأمة إن استطاعوا فإن تولوا فما علينا إلا البلاغ.