فمنعهم ظهره وأن الأنصار جاؤا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أنهُ كان لنا جمل نسني عليهِ وأنهُ استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد عطش النخل فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه قوموا فقاموا ودخل الحائط (البستان) والجمل في ناحية فمشى صلى الله عليه وسلم نحوه فقالت الأنصار يا رسول الله قد صار مثل الكلب الَلِب وإنا نخاف عليك صولته فقال عليه الصلاة والسلام ليس علي منهُ بأس فلما نزر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجداً بين يديه فأخذ عليه الصلاة والسلام بناصيته أذل ماكان قط حتى أدخله في العمل فقال له أصحابه يارسول الله هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك ونحن نعقل فنحن أحق أن نسجد لك فقال صلى الله عليه وسلم لا يصلح بشر أن يسجد لبشر لو صلح بشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها.
وروى الدرامي عن ابن عباس رضي الله عنهما والإمام أحمد والبيهقي كما في شرح الشفاء للخفاجي أن امرأة جاءت بابن لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن ابني به جنون وإنه ليأخذه عن غدائنا وعشائنا فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره فثع ثعة وخرج من جوفه مثل الجرو الأسود يسعى وكذلك روى مسلم عن إياس بن سلمة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أين علي ابن أبي طالب فقالوا إنه يا رسول الله يشتكي عينيه قال فأرسلني النبي فجئت به أقوده أرمد فبصق في عينيه فبرأَ وعند الطبراني عن علي رضي الله عنه ف فما اشتكيتها حتى الساعة قال ودعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أذهب عنه الحر والقر قال فما اشتكيتهما حتى يومي إلى غير ذلك مما أظهره سبحانهُ وتعالى على يده صلى الله عليه وسلم من المعجزات الباهرات والآيات البينات الدالة على صدق نبوته وتحقيق رسالته مما لو بالغ الإنسان في إحصائه لعجز عن استقصائه أو أجهد نفسهُ في حصره لفني المدى في ذكره ومن تصفح الأخبار وتتبع الآثار وجد من ذلك العجب العجاب ويرحم الله البوصيري حيث قال:
وكل آي أتى الرسل الكرام بها ... فإنما اتصلت من نوره بهم
فإنهُ شمس فضل هم كواكبها ... يظهرن أنوارها للناس في الظلم
والمعنى أن كل معجزة أتى بها كل واحد من الرسل عليهم الصلاة والسلام فإنما اتصلت بهِ من نور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إذ هو إمام المرسلين وسيد الخلق أجمعين