التزود بالعلم والتبسط فيه. ومن يضارع أبا حنيفة رضي الله عنه في علمه وهو من كبار أئمة المذاهب الذين هم قدوة المسلمين في أقطار الأرض فنلفت أنظار من بيدهم الأمر إلى تلافي هذا الخرق. فإن الأمة في احتياج إلى علماء ترشدهم وتهذبهم وتزيدهم تعلقاً بعرش الخلافة العظمى أيدها الله وإلا فمن ينوب عن العلماء في هذا الأمر. وهل من الحكمة أن يعامل طالبو العلوم العصرية بأنواع الامتيازات فيعفوا من الخدمة العسكرية كما يعفى طالبوا العلوم الدينية مع تعيين معلمين لهم وصرف المبالغ الطائلة عليهم ولهم غاية يطلبونها وهي الاستيلاء على وظائف الحكومة والتنعم بلذائذ الحكم وتقاضي الرواتب. هل من الإنصاف أن تخصص الملايين من الليرات لنظارة المعارف ويترك طالبو العلوم الدينية بهذه الحال التي يرثى لها كل عاقل. أفيدونا بماذا ينتفع طالب العلم الديني عن علمه دنيوياً؟ هل جعلوا له وظائف يتولاها حين انتهائه من الطلب كما يعامل طلاب العلوم العصرية المكتبية؟ أم له مرتبات من قبل الحكومة؟ أم يحترمه الشعب احتراماً زائداً عن غيره؟ كلا لم يكن شيء من ذلك. بلى قد وجد في هذه الفئة الباغية الذين يسمون أنفسهم مصلحين من جعل ديدنه سب أهل العلم وقذفهم على مرأى من الناس والحكومة ومسمع ولا من ينتصر لهم أو يهتم لأمورهم. إذاً علام نضيق عليهم؟ وإلى م نضطهدهم؟ ألزوم أن ننفرهم عن الطلب حتى تحرم هذه الأمة من علماء يرشدونها إلى ما فيه صلاحها وفلاحها؟ أيقصد ازدياد الأمة في الجهالة وقد أضحى أفرادها كالغنم في الليلة المستطيرة؟ رباه إنك شاهد على ما يصنعون؟ ماذا على طالب العلم لو اشتغل بصناعة أو تجارة ليسد خلته؟ ويعيل عيلته. ويقوم بحاجاتهم ويغنيهم عن الناس ثم هو مع ذلك يطلب العلم ويكب على التحصيل ويتعلم ويعلم في البكور والمساء. وهو مستعد كل لحظة أن يؤدي الامتحان بالعلوم التي تطلب منه. ربما يقال أن ما تقدم من ضرورة الاكتساب ثابتة للفقير دون الغني لأن الغني في غنى عن الاشتغال بحرفة أو تجارة بما لديه من الأموال قلنا لا يخلو إما أن يكون الطالب غنياً بغنى والده أو بنفسه فإن كان الأول وهو الأكثر فلا يليق بشرف طالب العلم أن يكون كلا على أحد ولو كان والده. على أن الحكومة لا تجبر الوالد على القيام بنفقة ولده إذا كان طالب علم. فلا ملام عليه إذا اكتسب لنفسه وإن كان الثاني فلم نمنعه إذا كان يريد أن يشتغل بما أحله الله له مع عدم التقصير فيما يطلب منه. فعلم مما قدمناه أن