خرج هذا الشهم من الدردنيل بسائق الحمية مستميتاً في سبيل الدفاع عن دينه ووطنه فنصره الله نصراً مؤزراً قصد أثينا عاصمة اليونان فألقى عليها من قنابله وابلاً وعطل معمل الكهرباء فيها وبقيت البلدة في ظلام طول الليل ثم تجول في البحر الأبيض غير هياب ولا وجل مع ما يحيق به من الأخطار فصادف في طريقه الطرادين اليونانيين اللذين ذكرت خبرهما الجرائد فأغرق أحدهما وعطل الآخر فخافه الأسطول اليوناين وأطفأ أنواره ثم التجأ إلى ميناء مالطة فأصلح من أمره وتمكن بدهائه من الوصول إلى ما يحتاج إليه من الفحم وعلمنا من مآثره أن أرسى في ميناء غزة وجمع له الأهالي من الغنم والحبوب كمية وافرة فبين لهم عدم احتياجه إليها ثم غضاف إلى ما جمعوه أربعين مجيدياً من جيبه واقترح عليهم أن يجعلوا الجميع صدقة على فقراء غزة فداء عن المدرعة راجياً الله أن ينصره ويحفظه من كيد الأعداء عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم الصدقة تدفع البلاء.
وأعظم فائدة حصلت من شجاعة هذا القائد العظيم انقسام الأسطول اليوناني أقساماً قسم يحافظ على السواحل اليونانية وقسم يتعقب المدرعة وقسم يقوم الأعمال الحربية فضعفت بسبب ذلك قوته لأنه لولا وجود هذه المدرعة خارج الدردنيل لما احتاج إلى هذا الانقسام بل كان يقوم مجتمعاً بالأعمال الحربية ضد العثمانيين فحيا الله هذا القائد الكبير والفدائي العظيم وسدد سهمه وعصمه من أعدائه وأكثر في قوادنا من أمثاله فقد أحب الموت وباع نفسه في سبيل الله فنصره الله وحبذا اليوم الذي نحب فيه الموت في سبيل الله ونفضله على الحياة فذلك هو اليوم الذي نفوز فيه بنصر الله.