جاء الإسلام والناس في جاهلية جهلاء وغواية عمياء متفرقين المذاهب مختلفين بالآراء فهداهم إلى الطريق الأقوم وسلك بهم المنهج الأعدل جمعهم بعد التفرق وضمهم بعد الشتات حتى تكونت لهم رابطة كسلسلة أحد طرفيها في المشرق والآخر في المغرب فأصبحوا وهم سادة أهل الأرض وفي قبضتهم وتحت حكمهم أكثر من نصفها وما بلغوا هذا المنصب ولا ارتقوا هذا المرتقى إلا بتمسكهم بدينهم وعلمهم بالانتفاع من رابطته ولولا أن خلفهم من سلك غير مسلكهم وتنهج خلاف منهجهم لرأيتهم اليوم وفي يدهم الكرة الأرضية كما ترى مثالها بيد الجغرافيين.
فالواجب على المسلمين وقد كاد أن يدركهم التلاشي ويحل بهم الاضمحلال أن يتمسكوا بدينهم حق التمسك ويرتبطوا برابطته تمام الارتباط فإذا فعلوا ذلك بقي للمستقلين منهم كالعثمانيين استقلالهم وكانوا العقبة الكؤود في امتداد نفوذ أوروبا وربما يأتي يوم يستردون فيه سلطتهم ويعود إليهم مجدهم ولا يعوزهم إلا نشر العلوم الدينية فيما بينهم وتسهيل الطرق لتعارفهم مع بعضهم فهم على كثرتهم وعدم خلو قطر أو مدينة من طائفة كبيرة منهم يقدرون على كل شيء ولا يذلون لشيء أخذ الله بأيدينا إلى ما فيه صلاحنا وفلاحنا ورد عنا كيد الأعداء ومكرهم بمنه وكرمه.