على حدود أرضهم وقدم على سعد كتاب من سيدنا عمر بمثل رأي المثنى.
فأقام سعد بالقادسية شهراً يشن الغارات على تلك البلاد فأرسل يزدجرد ملك الفرس إلى رستم وأمره أن يسير إلى قتال المسلمين فخرج رستم بجيشه وكتب سعد بذلك إلى سيدنا عمر فكتب عمر إليه لا يكربنك ما يأتيك عنهم واستعن بالله وتوكل عليه وابعث رجالاً من أهل الرأي والمناظرة يدعونه فإن الله جاعل ذلك وهناً لهم فأرسل سعد إليه نفراً من المؤمنين فتركوا رستم وقدموا على يزدجرد فاجتمعوا عنده والناس ينظرون إليهم وإلى خيولهم فقال يزدجرد لترجمانه سلهم ما جاء بكم وما دعاكم إلى غزونا والولع ببلادنا أمن أجل أنا تشاغلنا عنكم اجترأتم علينا. فقال النعمان بن مقرن لأصحابه إن شئتم تكلمت عنكم ومن شاء آثرته. فقالوا بل تكلم فالتف إلى يزدجرد وقال له إن الله رحمنا فأرسل إلينا رسولاً يأمرنا بالخير وينهانا عن الشر ووعدنا على إجابته خير الدنيا والآخرة فأجابه منا قوم وتباعد قوم ثم أمرنا أن نجاهد من خالفه من العرب فدخلوا معه حتى اجتمعنا وعرفنا جميعاً فضل ما جاء به ثم أمرنا بجهاد من يلينا من الأمم ودعائهم إلى الإنصاف والإسلام فإن أبيتم فادفعوا لنا الجزية فإن أبيتم فالمناجزة فقال يزدجر لا أعلم في الأرض أمة كانت أشقى وأقل عدداً وأسوء ذات بين منكم وقد كان أهل الضواحي يكفوننا أمركم فلا تطمعوا أن تقوموا للفرس وإن كان بكم جهد أعطيناكم قوتاً وكسوناكم وجعلنا عليكم ملكاً يرفق بكم فقام ابن زرارة فقال أيها الملك أما ما ذكرت من سوء الحال فقد كانت على ما وصفت وأشد ثم ذكر ما كان عليه العرب من سوء العيش حتى رحمهم الله بإرسال النبي صلى الله عليه وسلم ففازوا باتباعه وسعدوا به. وأما أنت أيها الملك فاختر إن شئت الجزية عن يد وأنت صاغر أو اسلم لتنجو من ذلك وإلا فالسيف بأيدينا فغضب يزدجرد من كلامه وقال ارجعوا إلى صاحبكم وأخبروه إني مرسل إليه رستم حتى يدفنه ويدفنكم معه في خندق القادسية فلم يعبئوا لكلامه ورجعوا إلى سعد فقال يزدجرد لرستم ما كنت أرى أن في العرب مثل هؤلاء.
وخرج رستم من عند الملك كئيباً حزيناً وبعث بجلاً في أثرهم ليرجعوا إليه وقال إن أدركتهم تلافينا أرضنا وإلا فقد سلبكم الله أرضكم فسار ذلك الرجل في أثرهم حتى وصل إلى الحيرة فلم يدركهم ورجع إلى رستم فقال له لقد ذهب القوم بأرضكم.