بالمساكين والضعفاء ونحو ذلك وطهارة النفس وصحة البدن ما ينال به الإنسان سعادة الدارين وإن هذا الغرض المقصود للشارع من هذه الفريضة (الصوم) يزول بمطاوعة النفس والهوى في أي شيء من المحظورات كالقتل والسرقة والزنا والسكر وجميع ما فيه إضرار الناس كالنصب والاحتيال وشهادة الزور ونحو ذلك فلا يليق للصائم في هذا الشهر أن يرتكب أي شيء مما ذكر وإلا كان صومه مردوداً عليه ويكون قد عجل لنفسه العذاب في الدنيا بألم الجوع وأمامه في الآخرة العذاب الشديد.
خامساً يلاحظ بقدر الإمكان أن لا يكون التدريس في كتاب بل يا حبذا لو أمكن للمدرس أن يحضر الموضوعات من كتب الأخلاق والفقه والتفسير والحديث والسيروان أو في الكتب لشرح ما نرمي إليه من هذه المواضيع كتاب إحياء العلوم للإمام الغزالي وعوارف المعارف للإمام السهروردي ونحوهما ويلخصهما تلخيصاً حسناً ثم يلقيهما على الناس بعبارة مألوفة تقبلها عقولهم.
وأما من لا يمكنهم التدريس إلا بالقراءة في الكتاب فيجب عليهم (أولاً) اختيار الكتب الموثوق بصحتها الخالية من الاصطلاحات الفنية. (ثانياً) تفسير كل مسألة يقرؤونها ببيان شافٍ وعبارات تناسب فهم العامة.
ولما كان هذا الشهر المبارك شهر تقشف وقناعة وحلمٍ وتواضع ورحمة ولين يستدعي جهاداً عظيماً بإخلاص تام من الوعاظ والمرشدين فعساكم تعملون لذلك في هذا الشهر بما ينفع الناس في دينهم ودنياهم خصوصاً وإن كثيراً من الناس ينكب على العبادات ويتوجه بقلبه إلى الله تعالى في هذا الشهر ويتولد عنده بسبب ذلك وبسبب الصوم إحساس قوي في الدين يجعله مستعداً للتأثر بالمواعظ الدينية والتمسك بما يتعظ به فلو أنكم تتعهدونهم بالموعظة الحسنة والحكم الدينية النافعة وتتدرجون بهم في ترقية هذا الأساس الديني حتى يبلغ درجة كماله لكان في ذلك الخير العظيم والفوز العميم.
(الحقائق) نسأل الله تعالى أن يوفق علماءنا وأهل الحل والعقد منا إلى العناية بتعليم العامة، وإرشادهم لمعالم دينهم المبين، وشرعهم المستبين.