ماء ولا تحرقه نار ولا يهدمه منجنيق. وقال لابن عبد العزيز لما انصرف من مصر إلى الشام واستعمله على مصر أرسل حكيماً ولا توصه انظر أي بني إلى أعمالك فإن كان لهم عندك حق غدوة فلا تؤخرهم إلى عشية وإن كان لهم عشية فلا تؤخرهم إلى غدوة وأعطهم حقوقهم عند محلها تستوجب بذلك الطاعة منهم وإياك أن يظهر لرعيتك منك كذب فلا يصدقونك في الحق، واستشر جلساءك وأهل العلم فإن لم يستبن لك فاكتب إلي يأتك رأيي فيه إن شاء الله تعالى وإن كان بك غضب على أحد من رعيتك فلا تؤاخذه به عند سورة الغضب واحبس عنه عقوبتك حتى يسكن غضبك ثم يكون منك ما يكون وأنت ساكن الغضب مطفأ الجمرة فإن أول من جعل السجن كان حليماً ذا أناة ثم انظر إلى ذي الحسب والدين والمروءة فليكونوا أصحابك وجلساءك ثم اعرف منازلهم منك على غيرهم على غير استرسال ولا انقباض أقول هذا واستخلف الله عليك.
(عبد الله بن الزبير رضي الله عنه) لم يذل والله من كان الحق معه وإن كان مفرداً ضعيفاً ولم يعز من كان الباطل معه وإن كان في العدة والعدد والكثرة، إن لفراق الحميم لذعة يجدها حميمه عند المصيبة ثم يرعوى من بعد ذو الرأي والدين إلى جميل الصبر، إنما الدنيا عارية من الملك القهار الذي لا يزول سلطانه ويبيد ملكه فإن تقبل الدنيا علي لا آخذها أخذ الأشر البطر وإن تدبر عني لا أبك عليها بكاء الخرف المهين، لا أعلم امرئ كسر سيفه واستبقى نفسه فإن الرجل إذا ذهب سلاحه فهو كالمرأة أعزل.