عندما دعا نوح عليه السلام قومه، هل دعاهم على أنهم مشركون، أم دعاهم على أنهم جاهلون؟
الجواب
دعاهم على أنهم مشركون، فقد انتشر الشرك في زمن نوح عليه الصلاة والسلام، وفي تفسير قوله تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ}[البقرة:٢١٣] جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس وغيره: (كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على التوحيد)، ثم حدث الشرك في قوم نوح، وجاء في صحيح البخاري في كيفية ذلك أنه كان في زمن نوح أناس صالحون هم: ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، ثم ماتوا، وتقاربت وفاتهم، فحزنوا عليهم، فقالوا: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة، فصوروهم، ثم لما طال الأمد وطال العهد وجاء أحفادهم بعدهم دب إليهم الشيطان وأوحى إليهم وقال لهم: إن آباءكم إنما صوروا هذه الصور لأنهم يستسقون بهم ويدعونهم، فعبدوهم من دون الله، فحدث الشرك في قوم نوح.
فسبب الشرك في قوم نوح هو تصوير الصالحين، ثم الغلو والعكوف على قبورهم، فلما حدث الشرك بعث الله نوحاً عليه السلام، فهو أول رسول بعثه الله بعد الشرك، وإلا فآدم كان قبله، وهو نبي مكلف مرسل إلى بنيه، غير أنه ما وقع الشرك، وشيث كذلك نبي قبل نوح، غير أنه لم يقع الشرك في زمنه، فنوح أول رسول بعثه الله بعد وقوع الشرك، فدعا قومه إلى توحيد الله عز وجل، ومكث فيهم هذه المدة الطويلة -وهي ألف سنة إلا خمسين عاماً- يدعوهم إلى التوحيد وينهاهم عن الشرك، يقول تعالى:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف:٥٩]، فدعاهم إلى العبادة والتوحيد.