يرد على هؤلاء الجهمية وغيرهم بقول الله عز وجل:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا * فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء:٦٤ - ٦٥]، فقد أخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات الكريمة أنه أرسل الرسل ليطاعوا، وأمر بطاعتهم، وأمر بطلب الاستغفار منهم، ونفى الإيمان عمن لم يحكم الرسول في موارد النزاع أو كان في نفسه حرج من حكم الله ولم يسلم لحكم الله ورسوله تسليماً كاملاً.
ومن الأدلة قول الله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[آل عمران:٣١]، فقد بين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن علامة محبة الله اتباع الرسول، فمن اتبع الرسول عليه الصلاة والسلام فهو من أحباب الله، ومن خالف الرسول فهو من أعداء الله، ومن لم ينقد لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يعمل بإرادة نفسه، وهذا غش للنفس، وهو من الكبر.
وإذا كان الذين يقولون: لن نؤمن حتى يكون لنا مثل الرسل كفاراً، فكيف بمن قال: إنه أعلى من الرسل؟! ولكن هؤلاء الجهمية -والعياذ بالله- استحوذ عليهم الشيطان فأعرضوا عن النصوص، ولم يعملوا بها، واتخذوها وراءهم ظهرياً، ولذلك وصلوا إلى ما وصلوا إليه من الضلال والتيه، نسأل الله السلامة والعافية.
وظاهر النصوص، وظاهر كلام العلماء يوحي بأن الجهمية كفار، وأنه ليس معهم من الإيمان أو الدين شيء، ولهذا قال كثير من العلماء -وعلى رأسهم الإمام أحمد رحمه الله-: إن كلام الجهمية يدور على أنه ليس فوق العرش إله ولا رب، وقد رد عليهم الإمام أحمد رحمه الله في رسالة له صغيرة الحجم، لكنها عظيمة المعنى والمتن، تسمى الرد على الزنادقة، أو الرد على الجهمية والزنادقة، وهي رسالة صغيرة مطبوعة، وكثيراً ما ينقلها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وينقل نصوصاً منها في كثير من كتبه، حتى إنه ربما نقلها كلها، وفرقها في كتبه، فهي رسالة عظيمة على صغر حجمها.