أولاً: الشرك بالله أعظم الذنوب؛ لأن الله لا يغفره لمن لقيه به، بخلاف غيره من الذنوب؛ فإنه تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفره لمن لقيه به، وإن شاء عذبه به، قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨].
ثانياً: الشرك بالله أظلم الظلم، وأقبح القبيح؛ لأن فيه تنقصاً لله، وصرفاً بخالص حقه لغيره، وعدلاً غيره به، كما قال الله تعالى:{ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}[الأنعام:١]، فالمشرك عدل غير الله بالله، فهو أظلم الظلم، وأقبح القبيح، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه، وأي ظلم أعظم من أن يضع الإنسان العبادة في غير موضعها؟! والمشرك وضع العبادة في غير موضعها، فعبد غير الله، فوقع في أظلم الظلم وأقبح القبيح، حيث عدل غير الله بالله، وتنقص رب العالمين.
ثالثاً: الشرك بالله مناقض للمقصود بالخلق والأمر، إذ المقصود بخلق الخلق أن يعبدوا الله، والله تعالى أمرهم أن يفردوه بالعبادة، فالشرك مناقض للمقصود بالخلق والأمر، مناف له من كل وجه، وهذا غاية المعاندة لرب العالمين، والاستكبار عن طاعته والذل له والخضوع والانقياد لأوامره التي لا صلاح للعالم إلا بها، فلا صلاح للعالم إلا بالتوحيد والإيمان، فمتى خلا العالم من الإيمان والتوحيد خرب وقامت القيامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم:(لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله).
إذاً: صلاح هذا العالم وبقاؤه بالتوحيد والإيمان، فإذا خلا من التوحيد والإيمان خرب، ولهذا فإنه في آخر الزمان تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات بريح طيبة تأتي من جهة الشام، وفي بعض الروايات: من جهة اليمن، حتى لو كان الواحد من المؤمنين في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه، فلا يبقى إلا الكفرة يتهارجون ويتناكحون في الأسواق تهارج الحمر والعياذ بالله، لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً، ويتمثل لهم الشيطان فيأمرهم بعبادته، فعليهم تقوم الساعة، فتنفطر السماء وتنشق، وتنكدر النجوم، ويخرب هذا العالم بسبب خلوه من الإيمان والتوحيد، ومتى كان الإيمان والتوحيد موجودين فإن صلاح هذا العالم يبقى.
رابعاً: الشرك بالله تشبيه للمخلوق بالخالق تعالى وتقدس في خصائص الربوبية من ملك الضر والنفع والعطاء والمنع الذي يوجب تعليق الخوف والرجاء والدعاء والتوكل وسائر أنواع العبادة بالله عز وجل.
خامساً: الشرك بالله هضم لجناب الربوبية، وسوء ظن برب العالمين، فإن من خصائص الألوهية الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وذلك يوجب أن تكون الخشية والتعظيم والدعاء وسائر أنوع العبادة لله عز وجل، وهذا واجب شرعاً وعقلاً وفطرة.
وهذه الأمور التي يتبين بها خطر الشرك توجب للعبد شدة الخوف من الشرك، والحذر على نفسه من أن يقع في شيء من الشرك هذا الذنب العظيم والحوب الكبير.