للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية معرفة حقيقية التوحيد]

السؤال

نرجو إلقاء الضوء على أهمية التوحيد، ووجوب العناية به تعلماً وعملاً وتعليماً؛ لما لهذا الأمر من أهمية عظيمة؟

الجواب

لا شك في أن معرفة حقيقة التوحيد أمر مهم؛ لأنه أمر عظيم، ولأنه الأمر الذي خلق الله من أجله الخلق، وبعث من أجله الرسل، وأنزل من أجله الكتب، وهو الذي يترتب عليه السعادة والشقاوة، فجدير بالمسلم وطالب العلم خاصة أن يعلم حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسله وأنزله به كتبه، وأن يدرس كتب العلماء المحققين، وأن يدرس على أيدي علماء الشريعة ويسأل عما أشكل عليه، ويبحث حتى يتبين له الحق، ويفرق بين توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وتوحيد الأسماء والصفات، ويعلم أن توحيد الربوبية والأسماء والصفات توحيد فطري، قد فطر الله عليه الخلق وأقر به المشركون، ولكن النزاع في توحيد العبادة أو الإلهية، لا سيما أن هناك بعض المخرفين من المحاضرين والأساتذة وغيرهم يسبون أهل التوحيد، ويسمونهم أهل التلحيد.

فعلى طالب العلم أن يكون على علم وإلمام بهؤلاء، فليس كل من تكلم أو استطاع أن يتكلم وأن يحاضر طالب علم عنده تحقيق، بل قد يكون مخرفاً، ولهذا حذر الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من علماء المشركين، وقال: إن علماء المشركين عندهم علوم وفهوم وشبه، لكن على باطل، قال الله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} [غافر:٨٣]، فعندهم علم لكنه مزيف، وهناك كثير من المخرفين من المحاضرين والدكاترة، وكثير من المؤلفين في الساحة يقررون الشرك ويقولون: إن دعاء الموتى والذبح لهم والنذر لهم ليس شركاً.

فهم يقررون مذهب الصوفية.

إذاً: فلا بد لطالب العلم من أن يكون على حذر، ولا بد من أن يدرس العلم الشرعي من معادنه ومنابعه الصافية، من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويدرس على أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة، أهل الحق الذين يوثق بهم؛ لأن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم.

فاختر أهل العلم العارفين بالله الواقفين عند كتاب الله وسنة رسوله، الذين يأخذون بكتاب الله وسنة رسوله وبأقوال سلف الأمة وأئمتهم من الصحابة والتابعين؛ لأنهم أفضل الناس وأعلم الناس بمراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، فالذي قرره السلف من الصحابة والتابعين والعلماء والأئمة من كتاب الله وسنة رسوله هو الحق، وإياك وبنيات الطريق، وإياك أن تنحرف، فما أكثر المنحرفين! وما أكثر دعاة الضلال! وما أكثر المخرفين من المؤلفين والمحاضرين والدكاترة والمدرسين في الجامعات والأندية وفي الندوات، وفي الأمكنة العامة وفي كل مكان! فكن على حذر، وخذ دينك عمن تثق به، وادرس كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وخذ العقيدة الصحيحة الصافية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والعلم إنما يؤخذ من أفواه العلماء، فلا يكفي طالب العلم أن يطلب العلم من الكتب؛ لأنه لم يكن هناك طالب علم أو عالم ناشئ من الكتب أبداً، والعلماء والأئمة لهم مشايخ كانوا يأخذون العلم عنهم.

وجلسة واحدة تجلسها مع شيخ تعدل ساعات طويلة وأياماً طويلة تقرؤها بنفسك من الكتب، وهذا شيء مجرب ومعروف، والدروس في المساجد فيها خير وبركة، فالإنسان إذا قصد المسجد وأخلص نيته لله فهو على خير عظيم، والملائكة تحفه وتدعو له، وهو في روضة من رياض الجنة، وكذلك الدروس في الجامعات والكليات فيها خير وبركة إذا أخلص الإنسان فيها نيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>