توحيد الأسماء والصفات هو إثبات أسماء الله وصفاته، والإيمان بأسماء الله وصفاته، والإقرار والاعتراف بها، وإثباتها لله سبحانه وتعالى كما يليق بجلال الله وعظمته.
وتوحيد الله في الأسماء والصفات يحصل بأن تثبت لله الأسماء والصفات التي وردت في الكتاب والسنة، على ما يليق بجلال الله وعظمته.
والأسماء والصفات توقيفية، فلا نثبت من الأسماء والصفات إلا ما ورد في الكتاب والسنة.
وهذا النوع من التوحيد أيضاً فطري، فقد فطر الله عليه جميع الخلق، ولم ينكره طائفة معروفة من بني آدم، حتى إن المشركين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقرون بهذا النوع من التوحيد، لكن قد ينكرون بعض الأسماء لله، إما عناداً وتعنتاً وإما جهلاً، وهذا شيء قليل، كما ثبت أن كفار قريش أنكروا اسم الرحمن، فنزل قول الله تعالى:{وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}[الرعد:٣٠]، ولما كان في صلح الحديبية أمر النبي صلى الله عليه وسلم علياً أن يكتب الصلح، فقال: اكتب (بسم الله الرحمن الرحيم)، فقال كفار قريش: لا تكتب (بسم الله الرحمن الرحيم)، لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، اكتب: باسمك اللهم.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: الظاهر أن إنكارهم من باب التعنت والعناد، وإلا فإنه يوجد في أشعارهم إثبات الرحمن، قال الشاعر الجاهلي:(وما يشأ الرحمن يعقد ويخلق)، لكن فعلهم هذا من باب العناد والتعنت، فقالوا: ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، يعنون مسيلمة.
ولما قال: اكتب: (من محمد رسول الله)، قالوا: اكتب: هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله، فلو كنا نعرف أنك رسول الله ما قاتلناك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قبل هذه الشروط وإن كان فيها غضاضة لما يرتب عليها من المصالح، وكان هذا بأمر الله عز وجل.
فكفار قريش قالوا: لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة؛ لأن مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة كان يدعى بالرحمن قبحه الله، والرحمن من خصائص الله، فلا يسمى به غيره، فلما تسمى مسيلمة بالرحمن لزمه وصف الكذب، وصار عليه عاراً إلى يوم القيامة، فلا يذكر مسيلمة إلا ويوصف بالكذاب، فيقال: مسيلمة الكذاب، حيث تسمى باسم من أسماء الله المتصف به.
وممن ادعى النبوة غير مسيلمة وما لزمهم وصف الكذب: طليحة الأسدي والأسود العنسي في اليمن، فلم يقل: الأسود العنسي الكذاب، ولا: طليحة الأسدي الكذاب، وإنما يقال: مسيلمة الكذاب، فلزمه وصف الكذب والعار؛ لأنه تسمى باسم الرحمن الذي هو من خصائص الله سبحانه وتعالى.
والمقصود أن الكفار يقرون بجنس هذا النوع، فإذا وجد منهم إنكار فهو قليل، إما جهلاً وإما عناداً وتعنتاً.