وكذلك الفسق ينقسم إلى قسمين: الأول: فسق أكبر، وهو فسق كفري، وهذا يخرج من الملة، ولا يغفره الله إلا بالتوبة منه، ويحبط جميع الأعمال، ويخلد صاحبه في النار، ومثال ذلك قول الله تعالى:{وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ}[البقرة:٢٦ - ٢٨]، فجعل الفسق كفراً بالله، فهذا فسق الكفر.
ومثاله أيضاً قول الله تعالى:{وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ}[البقرة:٩٩]، أي: فسوق كفر، ومثاله أيضاً قول الله تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}[الكهف:٥٠] أي: فسق فسقاً كفر أخرجه من الملة، وهو كفر الإباء والاستكبار والعياذ بالله.
والنوع الثاني: فسق أصغر، وهو فسق المعاصي، وهذا لا يوجب الخلود في النار، ولا يخرج من الملة، ولا يحبط الأعمال، ويكون صاحبه إذا مات عليه من غير توبة تحت مشيئة الله، ومثاله قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}[الحجرات:٦] أي: فسق بكذبه في الخبر.
ومثله قوله سبحانه:{فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة:١٩٧] يعني: لا فسوق بمعصية في الحج.
ومثله قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[النور:٤] أي: فسوق معصية لا يخرج من الملة.