وإذا أصيب أحد بالسحر فإنه يشرع له أن يتنشر، وأن يحل السحر، لكن عن طريق الرقية الشرعية، عن طريق قراءة القرآن، والأدوية المباحة، والأدعية، أما أن يتنشر ويحل السحر عن طريق السحرة فهذا لا يجوز، وقد بوب لهذا الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد باباً هو (باب ما جاء في السحر)، فالنشرة: حل السحر عن المسحور.
وقد جاءت روايات أو آثار فيها المنع من النشرة، وآثار أخرى فيها الإباحة، وجمع العلماء بينهما بأن الرواية التي فيها المنع محمولة على حل السحر بسحر مثله، كما في الحديث:(لا يحل السحر إلا الساحر) والمراد: النشرة المحرمة، فلا يجوز لمن ابتلي بالسحر أن يحل السحر عن طريق السحرة، ولا يجوز له إتيان السحرة ولا سؤالهم ولا تصديقهم؛ لما ثبت في الحديث الصحيح عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: (فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد) صلى الله عليه وسلم.
فإذا سأله ولم يصدقه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، وإذا سأله وصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن السحرة قال:(ليسوا بشيء) يعني: أخبارهم لا يوثق بها، وفي الحديث:(ليس منا من تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له، أو سحر أو سحر له)، فلا يجوز للمسلم أن يأتي السحرة، ولا يجوز له سؤالهم ولا تصديقهم، ولا المعالجة عندهم؛ لأن السحر لا يحله إلا سحر مثله، ولا يحل السحر إلا ساحر.
لكن يجوز له أن يحل السحر وأن يتعالج عن طريق الأدوية المباحة، والرقية الشرعية، وهي آيات من القرآن تقرأ عليه، والأدعية الشرعية المباحة لا بأس بها، وهذا ما يحمل عليه كلام بعض السلف، كما سئل سعيد بن المسيب عن رجل به طب -أي: سحر- أيحل عنه أو ينشر؟ فقال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينهوا عنه.
يعني: لا بأس بحل السحر؛ لأن حل السحر إنما يراد به الإصلاح، والمراد حل السحر عن طريق نشرة شرعية، وهي النشرة الشرعية التي لا محذور فيها.