ومن أنواع الشرك وأمثلته في العبادة: الشرك في التوكل، وهو أن يتوكل على غير الله في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله، كالذين يتوكلون على الأموات والطواغيت في حصول مطالبهم من نصر أو حفظ أو رزق أو شفاعة، وهذا هو الشرك الأكبر؛ لأنه اعتماد على غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله.
والذين يتوكلون على الأموات أصحاب القبور، ويعتمدون عليهم في حصول مطالبهم من نصر أو رزق أو حفظ أو شفاعة قد عبدوهم من دون الله، وأشركوهم في توكلهم على الله، قال الله تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}[المائدة:٢٣].
أما التوكل على الحي الحاضر في الأسباب الظاهرة فلا يكون شركاً أكبر، وإنما يكون شركاً أصغر، كمن يتوكل على أمير أو سلطان فيما أقدره الله عليه من رزق أو دفع أذى أو غير ذلك، فهذا نوع من الشرك؛ لما فيه من ميل القلب واعتماده على غير الله، هذا إذا كانت الأسباب ظاهرة، أي: يتوكل على من أسبابه ظاهرة.
أما إذا توكل على ميت أو غائب في رجاء ما يطلبه من نصر أو رزق أو حفظ فيما وراء الأسباب، فهذا هو الشرك الأكبر؛ لأنه توكل على غير الله، قال الله تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}[المائدة:٢٣] فالتوكل على غير الله تعالى فيما وراء الأسباب يكون شركاً أكبر، والتوكل على غيره فيما أسبابه ظاهرة يكون شركاً أصغر؛ لما فيه من ميل القلب واعتماده على هذا المخلوق، والواجب على المسلم أن يفوض أمره إلى الله.
والتوكل أقوى من الرجاء، فالرجاء يكون عادياً ويكون حسياً، لكن التوكل أقوى؛ لما فيه من اعتماد القلب وميله إلى المخلوق.