ذكر بعض العلماء في كتبهم توبة أبي المعالي الجويني والشهرستاني والفخر الرازي وابن عربي، وأن بعضهم صرح بذلك قبل موته ولم يتمكن من الكتابة، وبعضهم تمكن من الكتابة، أي: الرجوع إلى عقيدة أهل السنة والجماعة، فما موقفنا من تلك الأقوال، أنصدقها أم نقول: إنها لم تثبت عنهم، علماً أن بعض العلماء ترحم عليهم ودعا لهم بالمغفرة؟
الجواب
الأصل المقصود هو بقاؤهم، وهذه كتبهم موجودة، حتى يثبت بنقل صحيح خلافها، فإذا ثبت بنقل صحيح عن الثقات، ووجدنا سنداً صحيحاً أنه تاب أو كتب فهذا لا بأس به، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الرازي تاب في آخر حياته وترحم عليه، وقد نقض كتابه أساس التقديس في مجلدات عظيمة، وهو بيان تلبيس الجهمية الذي وزع على ثمان رسائل دكتوراة، وكنت مشرفاً على الثمان كلها والحمد لله، وهو بيان تلبيس الجهمية في نقض التأسيس للرازي، وهو كتاب مخطوط من أعظم كتب شيخ الإسلام، رد فيه على الرازي، والرازي أشعري ولكنه جهمي ينفي النقيضين، ويقول: لا داخل العالم ولا خارجه، لكن شيخ الإسلام رحمه الله قال: إنه تاب في آخر حياته وترحم عليه، وشيخ الإسلام ثقة وإمام عظيم، فإذا أخبرنا فهو ثقة، وكذلك إذا وجدنا سنداً يدل على أنه تاب فلا بأس، أو أعلن ذلك في كتبه، وبعض الناس يقول: ابن سينا تاب، وفلان تاب، وابن عربي تاب.
وعلى كل حال فإن من تاب تاب الله عليه، فإذا أشكل عليك الأمر فقل: إن لم يتب، لكن هذا لا يمنع من الرد على آرائه المنتشرة في الكتب وكفرياته وإلحاده وزندقته، فالإلحاد والزندقة والكفر منتشرة في الكتب والمؤلفات، فهل معنى ذلك أن نسكت لأن بعض الناس قالوا: إنه تاب؟ لا، بل يرد عليه، أما الشخص نفسه فقل: إن تاب غفر الله له، وإن لم يتب فعليه من الله ما يستحق.
والمقصود أنه إذا وجد سند صحيح ثابت متصل أنه تاب أو أعلن ذلك في كتبه، أو أخبر عن ذلك إمام وثقة -كشيخ الإسلام ابن تيمية حينما ترحم على الرازي وقال: إنه تاب في آخر حياته- فإنا نقبل ذلك.
وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.