هناك بعض الناس يقول: يا رسول الله! ويا شيخ فلان! فهل يخرجون من الإسلام بهذا، وهل نقول: إنهم كفار؟
الجواب
من دعا غير الله وطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله خرج من الملة، وصار من المشركين، كأن يقول: يا رسول الله! اشفع لي، يا رسول الله! خذ بيدي، يا رسول الله! اغفر ذنبي، أو يقول: يا عبد القادر الجيلاني! أو: يا سيدي البدوي! أو: يا دسوقي! أو: يا نفيسة! المدد المدد، خذ بيدي، أنا في حسبك، أنا في جوارك، اشفع لي، لا تخيب رجائي، فهذا كفر وردة، وخروج عن ملة الإسلام، وفاعله يصير من المشركين الوثنيين بعد أن كان من المؤمنين الموحدين، وإذا مات على ذلك صار من أهل النار.
فإذا قال: يا رسول الله! اشفع لي، قلنا: هذا لا يجوز، فإذا قال: الرسول صلى الله عليه وسلم يشفع، نقول: نعم يشفع، لكن لا تسأل الرسول الشفاعة، بل سلها من الله، فقل: يا رب! شفع في نبيك، لكن إذا كان يوم القيامة وهو حي قادر فإنك تطلب منه الشفاعة، أما بعد وفاته فلا، فإذا قال: يا رسول الله! اشفع لي، نقول: هذا شرك، ولا يجوز سؤال غير الله، فمن دعا غير الله فقد أشرك، {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}[الجن:١٨]، فإذا قال: يا رسول الله! اشفع لي، أو: يا رسول الله! أغثني، أو يا رسول الله! فرج كربي، أو يا رسول الله! المدد المدد، أو يا عبد القادر، أو: يا سيد البدوي! المدد المدد، خذ بيدي، لا تخيب رجائي، أنا في حسبك، أنا في جوارك، فهذا شرك وردة، أما إذا دعا حياً قادراً فلا يكون ذلك شركاً، كأن يقول: يا فلان! أعني على إصلاح سيارتي، أعني على إصلاح مزرعتي، أعني على بناء البيت، أعني على السيارة، أقرضني، أما أن تدعو ميتاً أو غائباً لا يسمع فيما لا يقدر عليه إلا الله، فهذا شرك وردة، كأن تدعوه لأن يفرج كربتك، وهو ميت قد صار تراباً، {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}[فاطر:١٣ - ١٤]، وقال سبحانه:{وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}[يونس:١٠٦] يعني: من المشركين، وقال سبحانه:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}[المؤمنون:١١٧] فنص الله على أن من فعل هذا كفر.
وقال:{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}[فاطر:١٣ - ١٤] فسماه الله شركاً بنص القرآن، فمن دعا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فقد كفر وأشرك وخرج من الملة، لكن إذا تاب قبل الموت تاب الله عليه، فإن مات حبطت أعماله وصار من أهل النار بما فعل، نسأل الله السلامة والعافية.
وكذلك من ذبح لغير الله، أو نذر لغير الله، أو طاف بغير بيت الله تقرباً إليه، كأن يطوف بقبر الرسول عليه الصلاة والسلام في الحجرة النبوية، فإذا قال: أنا أطوف بقبر النبي عليه الصلاة والسلام وأتقرب لله، نقول: هذا بدعة، فليس هناك شيء يطاف به إلا الكعبة؛ لأن الله أمرنا فقال:{وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج:٢٩]، فإذا قال: أنا أطوف لرسول الله، نقول: أنت وثني؛ لأنك صرفت الطواف الذي هو العبادة لغير الله.
وكذلك الذي يطوف على قبر البدوي أو قبر الحسين، ويقول: أنا أطوف على قبر السيد البدوي لله، فنقول له: هذا بدعة وحرام، فاذهب إلى الكعبة، فلا مكان يطاف به إلا الكعبة، فإذا قال: أنا أطوف للسيد البدوي، نقول له: أنت مشرك وثني، انتقلت من دين الإسلام إلى دين أبي جهل؛ لأنك صرفت الطواف الذي هو العبادة لغير الله.
كذلك الذي يطوف على قبر الحسين، فلو قال: أنا أطوف على قبر الحسين لله، نقول: لا تطف لله في هذا المكان، فهذا بدعة وحرام، وطف بالكعبة، فإذا قال: أنا أطوف للحسين، نقول له: هذا شرك، والعياذ بالله، إلا أن يوفقك الله للتوبة قبل الموت، نسأل الله السلامة والعافية.
والصواب أنه لا يعذر في ذلك، ولا يعذر إلا أهل الفترات، فالقرآن يتلى، والنصوص واضحة، وهذا هو الأمر الذي بعث الله به نبيه، فكونه صم عن سماع الحق، وأعرض عن النصوص ليس عذراً له، فالعذر إنما هو في حق أهل الفترات الذين ما بلغتهم الدعوة، وأما هذا فقد بلغته الدعوة، فالقرآن في كل مكان الآن يقرأ، والحمد لله.