للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إقرار المشركين بتوحيد الربوبية]

وتوحيد الربوبية نوع فطري، فطر الله عليه جميع الخلق، فكلهم مقرون بهذا التوحيد، حتى الكفرة، قال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف:٨٧]، وقال سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت:٦١]، وقال سبحانه: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} [يونس:٣١]، وقال سبحانه: {قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون:٨٤ - ٨٩].

إذاً: فالمشركون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من كفار مكة كانوا يقرون بهذا النوع من التوحيد، وكذلك سائر الأمم، فقوم نوح وقوم هود وقوم صالح كلهم كانوا يقرون بهذا النوع من التوحيد، ولكن توحيد الله في ربوبيته، والإقرار بهذا النوع من التوحيد لا يكفي في الإيمان، ولا يكفي في الدخول في الإسلام، فالمشركون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقرون بهذا النوع من التوحيد، ومع ذلك كفرهم النبي صلى الله عليه وسلم وقاتلهم واستحل دماءهم وأموالهم؛ لأنهم لم يوحدوا الله في عبادته وإلهيته، نعم توحيد الله في ربوبيته حق، وهو أحد أنواع التوحيد ولابد منه، لكنه لا يكفي وحده، إذ لابد من أن يضم إليه الإنسان توحيد الله في عبادته وإلهيته وأسمائه وصفاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>