ما رأيكم فيمن يحذر الناس من كتب ابن حجر والنووي؛ لأن فيها شيئاً من التعطيل، بل ربما أمر بإحراقها ووصفهما بأنهما من أهل البدع؟
الجواب
هؤلاء -والعياذ بالله- عندهم غلو، وهؤلاء مخطئون خطأ عظيماً كبيراً، فكتاب فتح الباري للحافظ ابن حجر كتاب عظيم، مازال العلماء في كل عصر ومصر بعده ينهلون من معينه، فهو من أعظم الكتب، وأما الأخطاء التي في العقيدة فيمكن تلافيها بأن ينبه عليها، ومازال العلماء ينبهون عليها، وهم لم يتعمدوها، فهم علماء كبار أجلاء نرجو أن يغفر الله لهم، فهذا ما نشئوا عليه، فصاروا يؤولون في بعض الصفات، لكن ليس معنى ذلك أن يهجر الكتاب، فهو كتاب عظيم.
وكذلك النووي في شرحه لـ مسلم سلك هذا المسلك في الصفات، لكنه كتاب عظيم في معاني الأحاديث والاستنباطات والأحكام الفقهية.
فكيف يهجر ما في هذه الكتب من العلم من أجل أشياء يسيرة يمكن تلافيها ويمكن التنبيه عليها؟! إن هذا غلط كبير، وهؤلاء الذين يفعلون ذلك يوصفون بالجهل والسفه، أما الأخطاء فليس هناك أحد يسلم منها، وليس هناك كتاب معصوم إلا كتاب الله عز وجل، فالغلط ينبه عليه وتؤخذ الفائدة، أما لو كان الكتاب أكثره فيه أغلاط وفيه أخطاء وأخطار عظيمة -مثل كتاب الزمخشري الكشاف، وكتاب مفاتيح الغيب للرازي - فإنه يؤثر على المبتدئ، فلا ينبغي للإنسان أن يقرأ الكشاف، ولا أن يقرأ مفاتيح الغيب؛ لأنه يدعوك إلى القول بالحلول وإنكار وجود الله وتعلم السحر، ولا يصلح أن يقرأ هذين إلا طالب العلم الذي عنده بصيرة.
أما كتاب (فتح الباري) للحافظ ابن حجر فهو كتاب عظيم نفع الأمة، فرحمه الله رحمة واسعة وغفر له، وقد مكث في شرحه سبعة عشر عاماً، وهو من أحسن الكتب، ولا يستغني عنه طالب العلم، وكذلك النووي في شرح صحيح مسلم، فكيف تقال هذه المقالة؟! فتهجر الحسنات العظيمة والعلم العظيم في الكتاب من أجل أخطاء يسيرة في التأويل في الصفات، من يقول هذا؟! هذا لا يقوله إلا سفيه جاهل، والذي يعمل هذا فيحذر الناس أو يحرق الكتابين سفيه جاهل، ويجب أن يؤخذ عليه ويؤدب ويعزر حتى يترك هذا العمل المشين، ويرفع به إلى ولاة الأمور ليرتدع، فيرفع به إلى المحكمة ليرتدع عن هذا العمل بالسجن أو بالضرب، على حسب ما يراه القاضي، فهو يستحق الضرب والتأديب والسجن حتى يتوب من هذا العمل المشين، فكيف يحرق هذين الكتابين العظيمين اللذين تلقتهما الأمة والعلماء بالقبول والاستفادة؟!