إن ابن عربي يدعي لنفسه أنه أفضل من الأنبياء، حيث تدرج به الحال حتى قال: إن النبوة ختمت بمحمد عليه الصلاة والسلام، ولكنه ليس خاتم الأولياء، وادعى أنه خاتم الأولياء، فقال: إن خاتم الأنبياء محمد وخاتم الأولياء ابن عربي، ولكن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء؛ لأن النبي إنما يأخذ وحيه بواسطة الملك جبريل، أما خاتم الأولياء فلا يحتاج إلى واسطة؛ لأنه يأخذه من الله مباشرة، ويقول: إن خاتم الأولياء تابع لخاتم الأنبياء في الظاهر، وخاتم الأنبياء تابع لخاتم الأولياء في الباطن.
وابن عربي هذا يعارض حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه:(مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى بيتاً فأكمله وأحسنه إلا موضع لبنة، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون ويقولون: لولا تلك اللبنة! فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين).
يقول ابن عربي في كتابه (فصوص الحكم) وكتاب (الفتوحات المكية)، وكتاب (الهو): إن خاتم الأنبياء رأى هذه الرؤيا، رأى هذا البيت ورأى موضع لبنة، ورأى نفسه تنطبع في هذه اللبنة التي يتم بها الحائط، ولا بد لخاتم الأولياء أن يرى مثل هذه الرؤيا.
ويرى أن الحائط مكون من لبنتين: لبنة ذهب، ولبنة فضة، ويرى نفسه تنطبع مكان لبنة الذهب، وخاتم الأنبياء تنطبع نفسه مكان لبنة الفضة، فيجعل نفسه لبنة الذهب والرسول صلى الله عليه وسلم لبنة الفضة.
ويقول: إن خاتم الأولياء يأخذ عن الله في السر، وفي الظاهر تابع لخاتم الأنبياء.
لأنهم منافقون زنادقة لا يظهرون الكفر كما سيأتي في حكمهم، فهم يتظاهرون بالإسلام حتى لا تقطع رقابهم، فيدعي أنه تابع في الظاهر للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد يصلي مع الناس، كما كان عبد الله بن أبي رئيس المنافقين يصلي، ويؤدي الشعائر الظاهرة، لكنه في الباطن يعتقد هذه العقيدة الخبيثة، ويقول ابن عربي: فإن فهمت ذلك فقد حصل لك العلم النافع.
والعلم النافع الذي يريده هو حقيقة قول فرعون، وهو أن هذا الوجود المشهود هو عين وجود لله، فليس هناك رب وعبد، بل الرب هو العبد والعبد هو الرب، لكن فرعون أعرف بالله في الباطن من أصحاب وحدة الوجود، قال الله تعالى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}[النمل:١٤] فهو معترف بوجود الله، ولكنه أنكر وجود الله في الظاهر، وتجاهله هذا تجاهل العارف، وأما ابن عربي فإنه يقول: إن الوجود واحد.