للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان معنى أصل النهي عن المنكر]

الشق الثاني للأصل الخامس: النهي عن المنكر، وستروا تحته القول بالخروج على الأئمة إذا جاروا وظلموا، فقالوا: إذا ظلم ولي الأمر فإننا نخرج عليه، وكذلك إذا فعل معصية أو فساداً، وهذا باطل؛ لأنه مخالف للنصوص الكثيرة التي دلت على أنه لا يجوز الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي ولا بالظلم ولا بالجور، ومن تلك النصوص قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:٥٩] فالآية عامة في وجوب الطاعة، لكن يطاعون في المعاصي ولا يخرج عليهم.

ومن ذلك ما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني).

قال العلماء: أما المعصية فلا يطاع فيها أحد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف)، فلا يطاع أحد في المعاصي، لا الأمير، ولا الوالد، فلا تطع والدك في معصية، وكذلك الزوجة لا تطع زوجها في المعصية.

ومن ذلك حديث أبي ذر: (أمرني خليلي أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف).

ومن أقوى الأدلة حديث عوف بن مالك الأشجعي في صحيح مسلم: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم -يعني: تدعون لهم-، وشرار أمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم.

قلنا: يا رسول الله! أفلا نبادرهم بالسيف -أي: نقاتلهم ونخرج عليهم ما داموا شراراً-؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزع يداً من طاعة).

وفي حديث حذيفة: (فالزم جماعة المسلمين وإمامهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>