بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد ذكرنا أن المعاصي والبدع تنقص كمال التوحيد وتضعف الإيمان، وذكرنا أن المعاصي الصغائر تكفَّر بأداء الفرائض واجتناب الكبائر، وأما الكبائر التي تُوعِّد عليها بالنار أو اللعنة أو الغضب، أو كان فيها حد في الدنيا، أو نفي عن صاحبها الإيمان؛ فإنه لا بد لها من توبة، فإن مات صاحبها عليها فهو تحت مشيئة الله.
وتنقسم البدع إلى قسمين: القسم الأول: بدع توصل صاحبها إلى الكفر، وهذه حكمها حكم الكفر، وقد سبق الكلام على الكفر وأنواعه.
القسم الثاني: بدع لا توصل إلى الكفر، وهذه كالكبائر بل هي أشد من الكبائر، وأحب إلى الشيطان من المعاصي والكبائر، لأن صاحب الكبيرة معترف بالخطأ، فحري به أن يوفق للتوبة، بخلاف صاحب البدعة فإنه غير معترف بالخطأ، ولذلك فإن صاحب البدعة لا يتوب في الغالب إلا من وفقه الله، والبدع كثيرة، وهي موجودة في الأذكار، وفي الصلوات، وفي الصيام، وفي الحج، لكن أشد البدع وأعظمها البدع التي ابتدعت في أسماء الله تعالى وصفاته، والبدع التي ابتدعت في كلام الرب سبحانه وتعالى، وفي علوه، وقد ذكرنا أشهر البدع التي قيلت في كلام الرب سبحانه وتعالى، وذكرنا أنها سبعة أقوال كلها مبتدعة، وأن بعضها يوصل إلى الكفر -والعياذ بالله- وبعضها دون ذلك.