الشرك في الاستعاذة هو: أن يستعيذ بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، كأن يستعيذ بميت، أو غائب، أو حي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله، كأن يقول: يا فلان -ينادي القبر-! أعذني، يا سيدي البدوي! أعذني من فلان، أعذني من العدو الفلاني، فيلوذ به ويلتجئ إليه، فهذا يكون شركاً؛ لأن الاستعاذة عبادة، والعبادة لا تكون إلا لله، قال الله تعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}[الفلق:١]، وقال تعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}[الناس:١].
وثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن ابنة الجون لما أدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أعوذ بالله منك، فقال:(لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك)، فهذه استعاذت بالله، والاستعاذة بالله توحيد.
والمراد بالاستعاذة الشركية: الاستعاذة فيما وراء الأسباب، أما من استعاذ بحي حاضر قادر معه أسباب ظاهرة فاستعاذته لا تكون شركاً؛ لأنه حي حاضر قادر أمامك، كأن تقول: يا فلان! أعذني من شر أولادك، أو يا فلان! أعذني من شر زوجتك؛ لأنها سليطة اللسان، أو: أعذني من شر خادمك، فلا بأس بهذا؛ لأنك تستعيذ بحي حاضر قادر يستطيع أن يمنع أولاده، ويستطيع أن يمنع خادمه، ويستطيع أن يمنع زوجته، فهذه استعاذة حسية أسبابها ظاهرة، فلا بأس بها.