للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر ما قيل في اللفظ والمعنى في كلام الله تعالى]

هل يسمى الكلام حقيقة في اللفظ أو حقيقة في المعنى؟ اختلف الناس في ذلك على أقوال، فقيل: إن الكلام حقيقة في المعنى مجاز في اللفظ، وهذا قول الأشاعرة.

وقيل: إن الكلام حقيقة في اللفظ مجاز في المعنى، وهذا قول المعتزلة.

وقيل: إن الكلام حقيقة في كل من اللفظ والمعنى، فإطلاقه على المعنى وحده يعد حقيقة، وإطلاقه على اللفظ وحده يعد كذلك حقيقة، وهذا قول أبي المعالي الجويني.

وقيل: إن الكلام حقيقة في اللفظ والمعنى على سبيل الجمع، فإطلاقه على أحدهما إطلاق على جزء المسمى، وإطلاقه عليهما جميعاً بدلالته على اللفظ والمعنى بالمطابقة، ودلالته على اللفظ وحده أو على المعنى وحده بالتضمن، وهذا هو الذي عليه أكثر العقلاء، فكما أن مسمى الإنسان هو اسم لروحه وجسده جميعاً، فكذلك مسمى الكلام هو اسم للفظ والمعنى جميعاً.

ولا يخفى على مسلم أن قول الاتحادية قول باطل كفري لا إشكال فيه، وكذلك قول الفلاسفة قول باطل كفري، وكذلك قول السالمية قول باطل أيضاً لا يخفى على أحد، وكذلك قول الكرامية والكلابية، وبعضهم يرى أنه لا فرق بين مذهب الكلابية والأشاعرة.

فقال بعض الكلابية: لا فرق بين المذهبين؛ لأن كلاً من المذهبين قد اتفقا على أن كلام الرب معنى قائم بذاته، وأن الحروف والأصوات ليست من كلام الله، أما القول بأن الحروف والأصوات حكاية أو عبارة فهذا لا يتعلق به غرض علمي، ولهذا يرى بعضهم أن المذهب واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>