كيف نرد على من يقول: من نشأ في مجتمع كافر ولم يسمع قط بالإسلام، ولم ير مسلماً، ولم يسمع شيئاً من أمر هذا الدين، إلا الدين الذي رباه عليه أبواه، فليس عليه ذنب؛ لأنه لم تقم عليه الحجة؟
الجواب
هذا إذا وجد فظاهر النصوص أنه يكون من أهل الفترة، فإذا مات على ذلك فإنه يعامل معاملة المشركين في الدنيا، فلا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يدفن مع المسلمين في مقابرهم، وأمره في الآخرة إلى الله.
وقد اختلف العلماء في أهل الفترات الذين لم تبلغهم الدعوة فلم يعملوا شيئاً، فذكر شيخ الإسلام وابن القيم في آخر كتاب طريق الهجرتين أقوالاً، لكن اختاروا أنهم يمتحنون يوم القيامة، وجاءت في هذه المسألة أدلة وأحاديث كثيرة لا تخلوا من ضعف من ناحية الأسانيد، وفيها أنه يؤتى بالشيخ الكبير والهرم والفاني ومن لم تبلغه الدعوة ويوقفون بين يدي الله، وأنه يخرج لهم عنق من النار، فيقال لهم: ادخلوها، فمن وردها صارت عليه برداً وسلاماً، ومن لم يردها فقد عصى، جاءت بهذا المعنى أحاديث كثيرة لكنها لا تخلوا من ضعف، ويبدوا أنها بمجموعها يشد بعضها بعضاً، ولهذا قرر شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم أن أهل الفترة يمتحنون أخذاً بهذه النصوص، والأصل في هذا قول الله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء:١٥]، وهناك رسالة في مسألة حكم أهل الفترة موجودة في كلية أصول الدين، وهي رسالة ماجستير كنت أشرفت عليها منذ سنوات مضت، وعنوانها:(أهل الفترة).