للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم القول بوحدة الأديان]

السؤال

هل يكفر من يقول بوحدة الأديان ويدعو إليها؟

الجواب

إذا قال: إنه ينبغي أن تتوحد الأديان، ويرى أنها كلها على حق، وأن اليهودية والنصرانية والإسلام كلها نزلت من عند الله، واعتقد أن الإنسان مخير بين أن يتدين باليهودية أو بالنصرانية أو بالإسلام، فهذا كفر وردة بإجماع المسلمين، فمن لم يكفّر المشركين أو اليهود أو النصارى أو صحح مذهبهم أو شك في كفرهم فهو كافر بالإجماع.

فلو قال إنسان: أنا أصوم وأصلي وأتعبد وأوحد الله، لكن ليس لي كلام في اليهود والنصارى، ولا أقول فيهم شيئاً، وهم على دين، والنصارى كذلك لا أقول فيهم شيئاً؛ فهذا يكفر؛ إذ لابد من أن يعتقد كفرهم، فإذا لم تعتقد كفرهم أو شككت في ذلك فإن هذا يكون كفراً وردة، والحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله مخلصاً له الدين، وأن تكفر بالطاغوت؛ لأن معنى (لا إله إلا الله): لا معبود بحق إلا الله، فلابد من النفي والإثبات، فالإثبات: إثبات التوحيد لله، والنفي: نفي جميع أنواع العبادة لغير الله، والكفر بالطاغوت، وهو كل ما يُعبد من دون الله، فكل دين سوى دين الإسلام باطل، ولابد من أن تعتقد بطلان عبادة غير الله وبطلان الأديان غير دين الله، وتتبرأ منها وتنكرها وتنفيها وتبغضها وتعاديها، فهذه هي الحنيفية ملة إبراهيم، قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:٤]، فانظر إلى قوله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ} [الممتحنة:٤]، فلابد من البراءة، ولابد من أن تكفر بما عليه اليهود والنصارى من الأديان، وتعاديهم: {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:٤].

والطاغوت: كل ما عُبد من دون الله، فكل ما سوى دين الإسلام فهو طاغوت، ولابد من أن تعتقد الكفر بالطاغوت، أي: أن تعتقد بطلانه وتنفيه وتنكره وتتبرأ منه ومن أهله، هذا هو الكفر بالطاغوت، ولا يحصل إيمان إلا بالكفر بالطاغوت مع الإيمان بالله، وهذا هو معنى (لا إله إلا الله)، فـ (لا إله) كفر بالطاغوت، (إلا الله) هذا هو التوحيد، وهو إثبات العبادة لله، كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف:٢٦ - ٢٧].

فهذا هو معنى: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [الزخرف:٢٦]، فهو الكفر بالطاغوت، {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف:٢٧] وهذا هو التوحيد، فقوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [الزخرف:٢٦] هو معنى (لا إله)، وقوله: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف:٢٧] هو معنى (إلا الله).

<<  <  ج: ص:  >  >>