وأما توحيد الأسماء والصفات فقد أخل به طوائف وخالفه طوائف، مثل طوائف المعطلة الذين عطلوا الرب من أسمائه وصفاته، فالتعطيل من العطل، وهو: الخلو والفراغ، فالدار إذا عطلت عن ساكن تسمى عاطلة، والبئر إذا هجرت ولم ينزح منها ماء تسمى بئراً معطلة، كقوله تعالى:{وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ}[الحج:٤٥].
والإبل إذا خلت عن راعيها يقال: عطلت الإبل عن راعيها، ويقال للمرأة: عطل: إذا لم يكن عليها حلي، فمادة العين والطاء واللام تدور على الخلو والفراغ، ويقال لمن عطل العالم عن صانع أوجده وأتقنه: معطل، وهؤلاء المعطلة عطلوا الرب من أسمائه وصفاته، وهم ثلاث فرق: فرقة الجهمية، وفرقة المعتزلة، وفرقة الأشاعرة.
وهم متفاوتون في التعطيل، والكلام طويل في هؤلاء المعطلة؛ لأن الناس ابتلوا بهم، وهؤلاء المعطلة موجودون الآن في هذا الزمن وفي أزمنة سابقة، وكتبهم موجودة، ومؤلفاتهم موجودة، وشبههم موجودة ومنتشرة، فلا بد لطالب العلم من أن يعرف هذه الفرق ويعرف شبههم، ويعرف ما هم عليه من الباطل؛ حتى يحذره ولا يقع فيه.
وكان السلف الصالح في عافية من هذه الشبه والكلام في شبه هؤلاء، فلم يكن بهم حاجة إلى أن يتكلموا في هذا البحث، ولكن لما وجد هؤلاء المعطلة وانتشروا بين الناس، وانتشرت مؤلفاتهم، وانتشرت شبههم، وانطلت شبههم على بعض أهل السنة وتأثر بها بعض الناس صار لزاماً على أهل الحق وأهل السنة أن يكشفوا الباطل، وأن يردوه؛ إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل.