[طبقات الناس عند الصوفية]
السؤال
ما هو موقف الصوفية من القرآن الكريم؟
الجواب
الصوفية طبقات، وهم يقسمون الناس إلى طبقات، والكلام فيهم نفس الكلام في الاتحادية، فهم يقولون: الناس طبقات: عامة، وخاصة، وخاصة الخاصة، ومن العامة جميع الأنبياء والمرسلين، فالعامة هم الذين عليهم التكاليف، فيقرءون القرآن ويصلون ويصومون ويدعون ويخافون الله ويرجونه.
والخاصة: هم الذين ألغوا صفاتهم وأفعالهم فجعلوها صفات لله، وعلم الواحد منهم أن ما قدر سيكون، ووصل إلى هذه المرتبة من العلم، فتسقط عنه التكاليف، فلا يكون عنده طاعة ولا معصية، بل جميع ما يفعله طاعات، وأما الطاعات والمعاصي فعند العامة، أما هؤلاء فقد سقطت عنهم التكاليف؛ لأنهم وصلوا إلى درجة من العلم، وألغوا صفاتهم وجعلوها صفات لله، واعتمدوا على المشيئة الكونية، فعلم الواحد أنه ما قدر سيكون، ووصل إلى العلم فسقطت عنه التكاليف، ويتأولون قول الله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:٩٩] فقالوا: أي: إذا وصلت إلى العلم فقد انتهت العبادة.
أي: واعبد ربك حتى تصل إلى العلم.
فعلم الصوفية يسقط العبادة، وهؤلاء كفار بإجماع المسلمين، فمن قال: إن أحداً تسقط عنه التكاليف وهو مكلف بالغ عاقل -إلا الحائض تسقط عنها الصلاة- وعقله قائم فهو كافر بإجماع المسلمين؛ لأنه ليس هناك أحد تسقط عنه التكاليف أبداً إلا المجنون أو الصغير أو الشيخ المخرف أو الحائض والنفساء، ولا تسقط عنهما إلا الصلاة فقط، فهؤلاء يسقطون التكاليف والعياذ بالله، ويقولون: إن العامة هم أهل الشريعة، فعندهم طاعات ومعاص وتكاليف، أما الخاصة فهم أهل الحقيقة ليس عندهم طاعات ومعاصٍ، بل كل ما يصدر عنهم طاعات، وليس عليهم تكاليف، فالكافر لو صدر عنه الكفر فهو طاعة، والعاصي لو صدر عنه المعصية فهي طاعة.
والطبقة الثالثة خاصة الخاصة، ويسمون أهل التحقيق، وهم الذين يقولون: إن الوجود واحد، فليس عندهم طاعات ولا معاص، وهم الذين اتحد وجود الموجودات عندهم، وصار الوجود هو الرب وهو العبد، وهؤلاء يسمون أهل التحقيق عندهم، والأذكار مقسمة على حسب الطوائف الثلاث: فذكر العامة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، أما الخاصة فلا يحتاج الواحد منهم إلى أن يقول: لا إله إلا الله، بل يأخذ لفظ الجلالة ويكرره: الله الله، الله الله، الله الله، وقد ذكر بعض الإخوان أنه سافر إلى إفريقيا ورأى أناساً من بعد العصر إلى المغرب يكرر أحدهم فيقول: الله الله، الله الله، الله الله، حتى يغشى عليه ويسقط.
والخاصة يستدلون على قولهم: (الله)، -كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله- بقول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ} [الأنعام:٩١] فقوله تعالى: (قل الله) هو دليل الخاصة.
وأما خاصة الخاصة فذكرهم هو الهاء فقط، فلا يحتاجون إلى أن يقولوا: (الله)، بل تأخذ الهاء، فيقولون: هو، هو، وهي وهوهة كالكلاب، فهذا ذكرهم، ويقولون: عندنا دليل من القرآن على أن ذكر خاصة الخاصة: (هو هو)، وهو قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران:٧] والتقدير حسب زعمهم: (وما يعلم تأويل (هو) إلا الله)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فقلت لهم: لو كانت كما تقولون لصارت أيضاً: وما يعلم تأويله هو إلا الله.
وأما الخاصة الذين يقولون: (الله الله)، فهم موجودون الآن في إفريقيا، وفي غير إفريقيا، والصوفية هؤلاء الذين يوهوهون بقولهم: (هو هو)، موجودون، والعياذ بالله.
وابن عربي رئيس وحدة الوجود ألف كتاباً سماه كتاب الـ (هو)، وحكي أن بعض الصوفية الآن من خاصة الخاصة إذا أذن المؤذن شتمه، وإذا نبح الكلب أو الحمار أثنى عليه، ويقولون: لأن الحمار والكلب ينسيك كل شيء، فليس في الوجود إلا الله، أما المؤذن حين يؤذن فقد أثبت وجودين، أثبت نفسه وأثبت ربه، فيقول: الله أكبر، فالمؤذن مشرك؛ لأنه أثبت وجودين، بخلاف الحمار والكلب، ولما قيل لبعضهم: إن القرآن يخالف ما أنتم تقولونه، قالوا: القرآن كله من أوله إلى آخره شرك، والحق ما نقوله، والعياذ بالله، نسأل الله السلامة والعافية.
ولا تظن -أيها المسلم- أن هذه الأشياء غير موجودة، بل هي موجودة الآن في باكستان وفي أفريقيا، وتجد في البلد الواحد خمسين طريقة، ومائة طريقة، وكل طريقة لها شيخ، وكلها توصل إلى النار، كالقادرية، والنقشبندية، والشاذلية، إلى آخره، وكلها طرق توصل إلى النار، والعياذ بالله.
ومنها الطريقة المبتدعة، ومنها ما يُوصل إلى الكفر، ومنها ما دون ذلك، وبعضهم يذكرون ويذكرون ويدورون حتى يسقط أحدهم ويغمى عليه، نسأل الله السلامة والعافية، ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم الثبات على دينه.