ومن الأنواع والأمثلة للشرك في العبادة: الشرك في الطواف، وهو أن يطوف بغير بيت الله تقرباً لغير الله، كمن يطوف بقبر ولي، أو بقبر رجل، سواء أكان ولياً أم غيره، وسواء أكان صالحاً أم غيره، فيطوف به تقرباً له، فإن هذا يكون شركاً، فمن يطوف بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم تقرباً للنبي صلى الله عليه وسلم، أو يطوف بقبر البدوي تقرباً للبدوي، أو يطوف بقبر الحسين تقرباً للحسين، أو يطوف بقبر زينب تقرباً لـ زينب، أو يطوف بقبر نفيسة تقرباً لـ نفيسة، أو يطوف بقبر ابن علوان تقرباً لـ ابن علوان، أو يطوف بقبر عبد القادر تقرباً لـ عبد القادر، ففعله شرك أكبر.
وهذا هو الشرك في الطواف؛ لأنه طاف تقرباً لغير الله، قال الله عز وجل:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج:٢٩].
ولا يطاف بغير بيت الله، ولا يطاف لغير الله، أما إذا طاف بغير الكعبة تقرباً لله لا لغيره، كمن طاف بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم تقرباً إلى الله، وظن أنه لا بأس بأن يطاف بقبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو طاف بقبر البدوي تقرباً إلى الله لا للبدوي، أو طاف بقبر الحسين تقرباً لله لا للحسين؛ فإن هذا يكون مبتدعاً لا مشركاً؛ لأنه لم يطف لغير الله، بل طاف لله، لكن المكان الذي طاف فيه لا يطاف به، وليس هناك شيء في الدنيا يطاف به إلا الكعبة، فإذا طاف لله في أي مكان غير الكعبة فإنه يكون مبتدعاً، وإن طاف لغير الله يكون مشركاً، حتى وإن طاف بالكعبة وهو لا يقصد أن يتقرب إلى الله، إنما يتقرب إلى غيره.
والشرك في الطواف، والشرك في الدعاء، والشرك في الذبح، والشرك في النذر، هذه كلها منتشرة قديماً وحديثاً عند القبوريين، فهم يفعلونها كثيراً، فمن القبوريين من يفعل ذلك عند قبر من قبور من يسمونهم أولياء، أو يعظمونهم، فتجدهم يشركون بالله، ويصرفون إليهم الدعاء، ويرفعون أصواتهم بسؤال المدد، وقضاء الحاجات، وتفريج الكربات، ويذبحون لهم الذبائح والقرابين، فهذا يذبح خروفاً، وهذا يذبح عجلاً، وهذا يذبح كذا، وهذا يذبح دجاجة، فيقدمون النذر لهم من دون الله، ينذرون لهم بأرواحهم، ويطوفون بقبورهم تقرباً إليهم.