ذكر العلماء أمثلة للنشرة الشرعية، وهي أن يؤتى بسبع ورقات من السدر، فتدق في ماء، ويقرأ فيها الآيات التي فيها الحديث عن السحر، كالآيات الأربع من سورة الأعراف، ويه قوله:{فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ}[الأعراف:١١٨ - ١٢٢]، وآية في سورة طه، وهي قوله تعالى:{إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}[طه:٦٩]، وآيتين في سورة يونس، وهما قوله تعالى:{قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}[يونس:٨١ - ٨٢].
فهذه الآيات تقرأ في إناء في ماء، ثم يصب من فوق رأس المسحور، ويكرر هذا، ولابد من الثقة بالله عز وجل والاعتماد عليه، وسكون القلب عند قراءة الآيات، وتكون نفس المريض منفعلة وقابلة، فإذا وجدت الأسباب ووافق ذلك ما قدر الله فإنه يشفى بإذن الله.
وكذلك الرجل الذي يحبس عن امرأته، فلا يتوق إلى جماعها، يؤتى له بسبع ورقات من السدر، وتوضع في الماء، ويقرأ فيها آية الكرسي، و (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، وهذا مجرب، قد جربه العلماء، وجربه الكثير من مشايخنا، وجربته أنا أيضاً بنفسي، إذ أتي إلي مرات عديدة بعض الناس يقول الواحد منهم: إنه محبوس عن امرأته، ولا يستطيع أن يجامعها، فقرأت له آية الكرسي وغيرها مما ذكر فاستفاد والحمد لله، وشفاه الله، وآخر كذلك، وثالث، فهذا مجرب، وقال العلماء: إن هذا العلاج جيد في حبس الرجل عن امرأته.
وعلى كل حال فإنه ينبغي للإنسان أن يثق بالله، وأن يعلق رجاءه بالله، وأن يعتمد عليه، ويفوض أمره إليه، ويدعوه ويتضرع إليه دائماً أن يشفيه، فالمريض يتضرع إلى الله ويبتهل إليه، وكذلك من حوله من أقاربه، لا ينسون الدعاء، فيتضرعون إلى الله، ويدعون الله له بالشفاء، فالدعاء سلاح المؤمن، فيدعو ربه ليلا ونهارا، ويسأل الله الشفاء، مع الأخذ بالأسباب، وقراءة الرقى الشرعية، والأدوية لا بأس بها، وكذلك العقاقير الطبية التي لا محذور فيها عند الأطباء، ومن الأدعية التي وردت أن يكثر من قوله:(اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً)، و (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، و (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)، و (بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك)، و (ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء والأرض، اغفر لنا ذنوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع).
ويستعمل مع هذه الأدعية والرقى الأدوية المباحة التي لا محذور فيها عند الأطباء، أما هذه التي عند السحرة والمشعوذين فلا تجوز المعالجة بها، ولا يجوز الإتيان إليهم أبداً؛ لأن هذا رفع من شأنهم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:(ليسوا بشيء)، ولأن من أتى إليهم متوعد بهذا الوعيد:(من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً)؛ لأنه قد يأمره بالشرك، وبعض الناس يذهب ليتداوى عند السحرة، فيقول له -وقد يكون جاهلاً-: علاج مرضك أن تأتي بكبش أو ديك أبيض أو كذا ثم تذبحه على كذا، ولا تسمي الله، أو لا تذكر الله، وبعضهم يصرح ويقول: هذا لشيوخ الجن، والعياذ بالله، وهذا من البلاء والمصائب.
وإن أغلى ما يملكه الإنسان هو دينه، فلا يجوز للإنسان أن يأتي السحرة؛ ولهذا جاء الوعيد الشديد:(من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً، وفي الحديث الآخر: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) صلى الله عليه وسلم، فالأمر جد خطير.
فالعلاج له طريقان: طريق شرعي، وطريق محرم مسدود ممنوع، وهو الإتيان إلى السحرة، والطريق الثاني: مباح مشروع، وهو العلاج عن طريق الرقى الشرعية، والآيات القرآنية، والدعوات المباحة، والأدوية والعقاقير الطبية التي لا محذور فيها.