السلام فعلهما على المواظبة يدل على أنهما واجبتان كما ذهب إليه أحمد وآخرون ولكن قيد الشيخ قوام الدين بقوله: أي مع الترك، وإلا كانا واجبتين، والدليل على الترك ما «روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - نقلت وضوء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم تذكر المضمضة والاستنشاق» .
ولم يذكر أيضا في حديث الأعرابي الذي علمه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الواجبات وتبعه على ذلك الشيخ الأكمل.
قال السغناقي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يقال المواظبة تدل على الوجوب حتى قال أهل الحديث: هما فرضان في غسل الجنابة، والوضوء استدلالا بالمواظبة؛ لأنا نقول أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان يواظب في العبادات على ما فيه تحصيل الكمال كما كان يواظب على الأذكار، وفي كتاب الله تعالى أمر بتطهير أعضاء مخصوصة والزيادة على النص لا تجوز إلا بما ثبت النسخ، وعلم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأعرابي الوضوء، ولم يذكرهما فيه مع أن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - صرح بقوله: هما فرضان في الجنابة سنة في الوضوء، كذا في " المبسوط ".
قلت: ألا ما ترى لم يشق منهم واحد القليل، ولا روى منهم. أما القوام والأكمل فإنهما قدرا في قول صاحب " الهداية " مع الترك، وكيف يقيد بذلك وقد روى صفة وضوء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أصحابه ثلاثة وعشرون نفرا، وهم عبد الله بن زيد بن عاصم، وعثمان بن عفان، وابن عباس، والمغيرة بن شعبة، وعلي بن أبي طالب، والمقدام بن معد يكرب، والربيع بنت معوذ، وأبو مالك الأشعري، وعائشة، وأبو هريرة، وأبو بكرة، ووائل بن حجر، وجبير بن نفير الكندي، وأبو أمامة، وأنس، وكعب بن عمرو اليماني، وأبو أيوب الأنصاري، وعبد الله بن أبي أوفى، والبراء بن عازب، وأبو كاهل، وعبد الله بن أنيس، وطلحة عن أبيه عن جده، ولقيط بن صبرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وكلهم حكوا فيه المضمضة والاستنشاق كحديث عبد الله بن زيد عند الأئمة الستة.
وحديث عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عند البخاري ومسلم.
وحديث ابن عباس عند البخاري. وحديث المغيرة عند البخاري أيضا في كتاب اللباس وفيه المضمضة والاستنشاق.
وحديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عند الأربعة: أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن