للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصيد هو الممتنع المتوحش في أصل الخلقة، واستثنى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخمس الفواسق، وهي: الكلب العقور، والذئب والحدأة، والغراب والحية، والعقرب

ــ

[البناية]

[جزاء الصيد ومقداره]

م: (والصيد هو الممتنع المتوحش في أصل الخلقة) ش: قيد بالممتنع احترازاً عن الدجاج، والبط الأهلي، وقيد بالمتوحش في أصل الخلقة ليدخل الحمام المسرول، ويخرج البعير المتوحش؛ فإنه لا يدخل في حكم الصيد، ولا يثبت له؛ لأنه عارض إلا في حق الزكاة للضرورة، وأما البط الذي يطير في الهواء جنس آخر، وهو من جملة الطيور، كذا في " الإيضاح ": وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا جزاء في المستأنس كالحمام المسرول، والطيب لخروجه من الامتناع.

م: (واستثنى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخمس الفواسق، وهي: الكلب العقور، والذئب والحدأة، والغراب والحية، والعقرب) ش: روى البخاري، ومسلم عن مالك، عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح: العقرب، والفأرة، والكلب العقور، والحدأة» وليس في هذه الرواية من الذئب ولا الحية.

وفي رواية لمسلم ذكر الخمسة، وأما الذئب، ففي رواية الدارقطني في " سننه ": عن حجاج ابن أرطاة، عن وبرة بن عبد الرحمن قال: سمعت ابن عمر يقول: «أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقتل الذئب، والفأرة، والحدأة، والغراب» والحجاج لا يحتج به.

قوله: واستثنى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ليس فيه حقيقة الاستثناء لأنه لا يتصور، وإنما معناه بين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عدم دخول الخمس الفواسق في الآية الكريمة المذكورة، وما جاز قتل هذه الخمسة بالحديث خرجت عن حكم حرمة قتل الصيد، استعار لفظ الاستثناء لوجود معناه، وإن لم توجد صورته، والخمس منصوب بلفظ استثنى، والفواسق بالنصب أيضاً صفة، وهو جمع فاسقة، وسميت فواسق بطريق الاستعارة لخبثهن.

وقيل: لخروجهن عن الحرمة، والفسق الخروج من الاستقامة، ومنه قيل للعاصي فاسق لخروجه عما أمر به، وقيل: سميت فواسق لإرادة تحريم أكلها لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: ٣] بعدما ذكر ما حرم من الميتة والدم، وقيل: لخروجهن عن السلامة منهن إلى الأذى، وقيل: لخروجهن عن الانتفاع بهن، ثم تنصيص الخمس بالذكر لا ينافي ما عداه مما هو في معناهن، ألا ترى إلى ما روى الحسن عن مسلم عن سعيد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقتل الوزغ، وسماه فويسقاً» .

وعم أم شريك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أمر بقتل الأوزاغ» رواه البخاري، ومسلم، وروى أبو سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يقتل المحرم السبع العادي، والكلب العقور، والفأرة، والعقرب نوالحدأة، والغراب» رواه الترمذي. وقال: هذا حديث حسن ورواه أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>