فكل من قتل بالحديدة ظلما وهو طاهر بالغ ولم يجب به عوض مالي فهو في معناهم
ــ
[البناية]
وأخرج أبو داود في سننه عن ابن عباس قال:«أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم» .
وأخرج أيضا عن جابر قال:«رمي رجل بسهم في صدره أو في حلقه فمات، وأدرج في ثيابه كما هو، ونحن مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قال النووي: سنده على شرط مسلم.
قوله: زملوهم أي لفوهم فيها، يقال: تزمل بثوبه، إذا التف فيه.
[[كل من يدخل في معنى الشهيد]]
م:(وكل من قتل بالحديدة ظلما وهو طاهر بالغ ولم يجب به عوض مالي فهو في معناهم) ش: أي في معنى شهداء أحد، وهاهنا قيود.
الأول: أن يكون القتل ظلما، احترازا عن القتل بحق على ما ذكرناه.
والثاني: القتل بالحديدة، وإنما يشترط هذا القيد إذا كان القتل من المسلمين، وأما من أهل الحرب والبغي وقطاع الطريق، فليس بشرط فبقتلهم شهيد بأي شيء قتل، لا يقال احترز بالحديدة عن القتل بالمثقل على قول أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لأن الاحتراز عنه يحصل بقوله ولم يجب به عوض مالي؛ لأن على قول أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يجب العوض المالي في القتل بالمثقل، فلا حاجة إلى قيد الحديدة.
والقيد الثالث: أن يكون طاهرا فلا يكون جنبا وحائضا.
والقيد الرابع: أن يكون بالغا ولا يكون صبيا، وفي هذين خلاف بين أبي حنيفة وصاحبه على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى.
والقيد الخامس: أن لا يجب بقتله عوض مالي احترز به عن شبه العمد والخطأ، فإن الواجب فيهما المال، والشرط فيه أن يكون ذلك حالة القتل، فإن القصاص إذا وجب ثم انقلب مالا بالصلح فإنه لا يمنع الشهادة، وكذلك الحكم في قتل الوالد ولده، فإنه يجب بالمال فيه حالة القتل، ولا يمنع الشهادة كما ذكرناه. وهاهنا قيدان آخران، لم يذكرهما المصنف.
الأول: أن يكون مسلما.
والثاني: أن يكون غير مرتث. وما ذكره في " الذخيرة ": الذي ذكرناه عن قريب هو الجامع الأحسن.