م:(باب صلاة الجمعة) ش: أي هذا باب في بيان أحكام صلاة الجمعة، ووجه المناسبة بين البابين من حيث إن في كل منهما سقوط شطر الصلاة، فالأول: بواسطة السفر، والثاني: بواسطة الخطبة. إلا أن الأول شامل من كل ذوات الأربع، والثاني: خاص في الظهر والخاص بعد العام وجود الآن، التخصيص لا يكون إلا بعد التعميم، واشتقاقها من الاجتماع كالفرقة من الافتراق.
وهي بضم الجيم والميم وبفتح الميم مع ضم الجيم، قال الزمخشري: قرئ بينهما بهن جميعا، فالسكون كالصحلة للمصحول منه، ويفتح للوقت الجامع كالصحلة من اللقبة، والضم ثقيل، كالعسر ويسر، وحكاهن الواحدي عن الفراء، والأكثرون أن الإسكان تخفيف كالعتيق، والفتح لغة بني عقيل، وجمعها جمعات، وجمع، سميت بذلك لاجتماع الناس فيها، وقيل: لكثرة ما جمع الله فيها من خصائل الخير وهي اسم شرعي، وقيل: سميت بذلك لأن آدم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جمع فيه خلقه، ويروى ذلك عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقيل: لأن المخلوقات تمت فيها واجتمعت، وعن ابن سيرين أن أهل المدينة سموها الجمعة، وجمعوا قبل أن يقدم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونزلت سورة الجمعة، ولم تكن بعد فرضت.
وقيل: أول من سمى الجمعة كعب بن لؤي، وكان اسمه في الجاهلية عروبة من الإعراب الذي هو التحسين لمكان تزين الناس فيه. وفضيلتها عظيمة عن أبي هريرة، قال الله تعالى:{وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}[البروج: ٣](البروج: الآية٣) ، الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة، رواه البيهقي في "سننه الكبرى ". وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة وفيه أهبط منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة" رواه مسلم في "صحيحه"، وزاد مالك، وأبو داود: "وفيه تيب عليه، وفيه مات، وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة من حين تصبح حين تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس"، وزاد الترمذي: "وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي يسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه إياه".»
وفي ساعة الإجابة ثلاثة عشر قولا: عن أبي هريرة: هي من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، الترمذي: بعد صلاة عصر الجمعة إلى غروب الشمس، الحسن وأبو العالية: عند زوال الشمس، وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: عند أذان الجمعة. مسلم في "صحيحه ": إذ قعد الإمام على المنبر حتى يفرغ، أبو بردة: الساعة التي اختار الله فيها الصلاة، أبو داود عن أبي ذر: هي ما بين الساتر ارتفع شبرا إلى ذراع، طاووس وعبد الله بن سلام: بين العصر إلى غروب الشمس.