ولا يصلى على ميت في مسجد جماعة لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «من صلى على جنازة في المسجد فلا أجر له»
ــ
[البناية]
[صلاة الجنازة في المسجد]
م:(ولا يصلى على ميت في مسجد جماعة) ش: احترز به عن المسجد الذي بني لأجلها، وبه قال مالك وابن أبي ذئب، وقال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: لا بأس بها إذا لم يخف تلويثه، واحتجوا بما روي «أن سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما توفي أمرت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بإدخال جنازته المسجد حتى صلى عليها أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم قالت لبعض من حولها: هل عاب الناس علينا ما فعلنا؟ فقيل لها نعم، فقالت: ما أسرع ما صلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على جنازة سهيل بن البيضاء إلا في المسجد» رواه مسلم.
وأشار إلى دليلنا بقوله م: (لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «من صلى على جنازة في المسجد فلا أجر له» ش: هذا الحديث رواه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من صلى على ميت في المسجد فلا شيء له» ، هذا لفظ أبي داود، ولفظ ابن ماجه «فليس له شيء» .
وقال الخطيب: المحفوظ، «فلا شيء له» وروي «فلا أجر له» . وقال ابن عبد البر: رواية «فلا أجر له» خطأ فاحش، والصحيح «فلا شيء له» ورواه ابن أبي شيبة في مصفنه بلفظ «فلا صلاة له» .
فإن قلت: روى ابن عدي في " الكامل " هذا الحديث وعده من منكرات صالح، ثم أسند إلى شعبة أنه كان لا يروي عنه، وينهى عنه، وإلى مالك لا يأخذوا عنه شيئا فإنه ليس بثقة، وإلى النسائي أنه قال فيه ضعف. وقال ابن حبان في كتاب " الضعفاء "، واختلط بآخره ولم يتميز حديث حديثه من قديمه فاستحق الترك، ثم ذكر له هذا الحديث، وقال البيهقي: صالح مختلف في عدالته كان مالك يجرحه.
وقال النووي: أجيب عن هذا بأجوبة أحدها: أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به، قال أحمد بن حنبل: هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوأمة، وهو ضعيف.
والثاني: أن الذي في النسخ المشهورة المسموعة من سنن أبي داود «فلا شيء عليه» فلا حجة فيه.
والثالث: أن اللام فيه بمعنى على لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}[الإسراء: ٧][الإسراء: ٧] أي فعليها، جمعا بين الأحاديث. قلت: الجواب عما قالوه من وجه.