للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بالواجب الفرض لأنه لا شبهة فيه، واشتراط الحرية؛ لأن كمال الملك بها

ــ

[البناية]

قال: الثاني: إنها تطهير نفس المؤدي وتزكية أخلاقه، والتخلق بالجود والكرم، ورد بأنه أبعد.

قال: والثالث: فيه شكر نعمة المال، وشكر المنعم فرضٌ عقلا، ورد بأنه لا يخفى.

[حكم مانع الزكاة] ١

فروع: إذا امتنع من أداء الزكاة ولم يجحد وجوبها أخذت وعزر ولا يأخذ زيادة على الواجب، وهذا قول أكثر أهل العلم مثل مالك والشافعي - رحمهما الله - وأظهر قولي أحمد بن حنبل وأصحابه.

وقال إسحاق وعبد العزيز وأحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - في رواية، والشافعي في قوله "القديم": يأخذها الإمام وينظر ما له، وهي رواية عن إسحاق - رَحِمَهُ اللَّهُ - يؤخذ معها مثلها.

فإن قلت: روى أبو داود والنسائي - رحمهما الله - من حديث بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول: «في كل سائمة إبل في كل أربعين بنت لبون، من أعطاها مؤتجرا فله أجرها ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منها شيء» .

قلت: كان ذلك في ابتداء الإسلام حيث كانت العقوبات بالمال ثم نسخ.

م: (والمراد بالواجب الفرض؛ لأنه لا شبهة فيه) ش: أي المراد من قولنا في أول الكتاب: الزكاة واجبة، الفرض؛ لأنه ثبت بدليل لا شبهة فيه وهو الكتاب والسنة المتواترة، وإجماع الأمة، وقد مضى الكلام فيه هناك.

م: (واشتراط الحرية) ش: مرفوع بالابتداء وخبره محذوف أي اشتراط الحرية في وجوب الزكاة م: (لأن كمال الملك بها) ش: أي بالحرية إذ العبد قد يملك البيع والتصرف بالكتابة والإذن، وقد قال الكاكي: قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس في مال المكاتب زكاة حتى يعتق» ، فلما لم تجب في مال المكاتب مع أنه حر من وجه، وقن من وجه، ففي غير المكاتب أولى؛ لأنه قن من كل وجه، والزكاة وظيفة مالية ولا مال للعبد، فشرطت الحرية بالإجماع.

وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنما شرطت الحرية لما ذكر الشيخ أبو بكر الجصاص الرازي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " شرح الطحاوي " بإسناده إلى جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ليس في مال المكاتب زكاة حتى يعتق» .

وقال السروجي: العبد المأذون له إن كان عليه دين يحيط كسبه فلا ملك لسيده عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وعندهما يستحق الصرف إلى غير ماله، وإن لم يكن عليه دين تجب الزكاة فيه على مولاة، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وقال مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا تجب الزكاة في مال العبد لا عليه ولا على سيده. قال ابن المنذر - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهو قول ابن عمر، وجابر، والزهري، وقتادة، وأبي عبيدة، وأحمد - رضي الله

<<  <  ج: ص:  >  >>