قال: ومن حلف لا يشرب من دجلة فشرب منها بإناء لم يحنث حتى يكرع منها كرعا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقالا: إذا شرب منها بإناء يحنث؛ لأنه المتعارف المفهوم، وله أن كلمة " من " للتبعيض وحقيقته في الكرع، وهي مستعملة. ولهذا يحنث بالكرع إجماعا
ــ
[البناية]
م:(فلا يدين في القضاء) ش: أي فلا يصدق في الحكم، لأن في المتصدق فيه تخفيف له، فلا يصدق، بخلاف ما إذا قيل له: إنك تريد أن تغتسل الليلة في هذه الدار عن الجنابة، فقال: إن اغتسلت فعبدي حر، فهو عن الجنابة، لأنه جواب متقيد بالسؤال.
ولو قال: إن اغتسلت الليلة في هذه الدار ولم يقل في هذا الدار فهو على كل اغتسال قضاء لأنه زاد على حرف الجواب، فيكون مبتدأ ولكن مع هذا يصدق ديانة، لأنه يحتمل أنه أراد به الجواب.
[[حلف لا يشرب من دجلة فشرب منها بإناء]]
م:(قال) ش: أي القدوري: م: (ومن حلف لا يشرب من دجلة) ش: وهو نهر بغداد م: (فشرب منها بإناء لم يحنث حتى يكرع منها كرعًا) ش: والكرع يتناول الماء بالفم من موضعه من غير أن يأخذ بيده، يقال كرع الرجل في الماء إذا مد عنقه نحو يشرب منه، ومنه كره عكرمة الكرع من النهر، لأنه فعل البهيمة تدخل فيها أكارعها، والكراع مستدق الساق م:(وهذا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) م: (وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد م: (إذا شرب منها بإناء يحنث، لأنه المتعارف المفهوم) ش: بين الناس من الشرب من دجلة وهو الشرب من ماء مجرى دجلة، وهو المجاز، فيعمل لعموم المجاز. فيحنث كيفما شرب، كما إذا حلف لا يضع قدمه في دار فلان يحنث في يمينه إذا دخلها راكبًا أو ماشيًا أو حافيًا أو مستعملًا، لعموم المجاز، وهو الدخول، فكذا هنا، فصار كما إذا حلف لا يشرب من هذه البئر فشرب من مائها بإناء يحنث.
م:(وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (أن كلمة " من ") ش: في قوله من دجلة - م:(للتبعيض) ش: اعلم أن " من " تأتي لمعان كثيرة، فإن كان المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - يريد به أنه وضع لبعض وحده، فهذا لم يقل به أحد من أئمة اللغة، وإن كان يريد أنه قد يستعمل للتبعيض، فمن أين أنه يلزم أنه هنا للتبعيض، قاله الأترازي مع تطويل الكلام فيه.
قلت: دلت القرينة اللفظية والحالة هنا أن " من " هنا للتبعيض، وهذا ظاهر لا يخفى م:(وحقيقته) ش: أي وحقيقة الشرب م: (في الكرع) ش: لأن الحقيقة ابتداء أن يكون ابتداء الشرب متصلة بدجلة، وذلك بالشرب منها كرعًا:(وهي) ش: الحقيقة م: (مستعملة) ش: مهجورة.
م:(ولهذا) ش: أي ولأجل هذا أن الحقيقة مستعملة م: (يحنث بالكرع إجماعًا) ش: دعوى الإجماع فيها نظر، لأنه اختلف المشايخ في الكرع عندهما. قال الإمام العتابي في " شرح