ولنا أن الأداء يفتقر إلى التمييز بالإشارة بين المشهود له والمشهود عليه، ولا يميز الأعمى إلا بالنغمة، وفيه شبهة يمكن التحرز عنها بجنس الشهود، والنسبة لتعريف الغائب، دون الحاضر، فصار كالحدود والقصاص، ولو عمي بعد الأداء يمتنع القضاء عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -؛ لأن قيام الأهلية للشهادة شرط وقت القضاء لصيرورتها حجة عنده، وقد بطلت وصار كما إذا خرس، أو جن، أو فسق بخلاف ما إذا ماتوا أو غابوا؛ لأن الأهلية بالموت قد انتهت وبالغيبة ما بطلت.
قال: ولا المملوك
ــ
[البناية]
بعضه م:(ولنا أن الأداء يفتقر إلى التمييز بالإشارة بين المشهود له والمشهود عليه، ولا يميز الأعمى إلا بالنغمة) ش: أي الصوت م: (وفيه) ش: أي وفي النغمة بتأويل الصوت م: (شبهة يمكن التحرز عنها بجنس الشهود) ش: فإن للشهود البصر أكثره فيهم غنية عن شهادة الأعمى.
م:(والنسبة لتعريف الغائب دون الحاضر) ش: هذا جواب عن قوله والتعريف يحصل بالنسبة، تقريره أن النسبة إنما تكون مقام الإشارة عند موت الشهود عليه أو غيبته، على أن هناك تقع الإشارة إلى وصي الميت، وهو في ذلك قائم مقامه م:(فصار كالحدود والقصاص) ش: يعني أن في الحدود والقصاص لا تقبل شهادة للشاهد، فكذا هذا.
م:(ولو عمي بعد الأداء) ش: أي ولو عمي الشاهد بعد أداء الشهادة قبل الحكم بها م: (يمتنع القضاء) ش: يعني لم يجز الحكم بها م: (عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - لأن قيام الأهلية للشهادة شرط وقت القضاء لصيرورتها) ش: أي لصيرورة الشهادة م: (حجة عنده وقد بطلت) ش: أي عند القضاء، ولا قيام لها م:(وصار كما إذا خرس، أو جن، أو فسق) ش: بعد الأداء قبل العقد ألا يقضي القاضي بشهادته، والأمر الكلي في هذا إنما يمنع الأداء منع القضاء؛ لأن المقصود من أدائها القضاء، وهذه الأشياء تمنع الأداء بالإجماع، فمع القضاء والعمى بعد التحمل يمنع الأداء عندهما، فيمنع القضاء، وعند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يمنع الأداء، فلا يمنع القضاء.
م:(بخلاف ما إذا ماتوا أو غابوا) ش: هذا جواب عما يقال: لا نسلم أن قيام الأهلية وقت القضاء شرط، فإن الشاهد إذا مات أو غاب قبل الأداء، لا يمنع القضاء، وتقرير الجواب أن الشهود إذا ماتوا أو غابوا لا يمنع القضاء م:(لأن الأهلية بالموت انتهت) ش: والشيء يتقرر بانتهائه م: (وبالغيبة ما بطلت) ش: أي الشهادة.
ألا ترى أن شاهد الفرع إذا شهد بعد موت الأصل تقبل شهادته، القضاء يكون بشهادة الأصول، فكذلك اعتراض الموت لا يمنع القضاء بالشهادة.
[[شهادة المملوك]]
م:(قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (ولا المملوك) ش: وهذا عطف على قوله شهادة الأعمى، أي ولا تقبل شهادة المملوك، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.