وكذا لو قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله في نار جهنم فأنت طالق وعبدي حر، فقالت أحبه، أو قال إن كنت تحبيني فأنت طالق وهذه معك، فقالت أحبك. طلقت هي ولم يعتق العبد ولا تطلق صاحبتها، لما بينا ولا يتيقن بكذبها، لأنها لشدة بغضها إياه قد تحب التخليص منه بالعذاب، وفي حقها أن تعلق الحكم بإخبارها وإن كانت كاذبة ففي حق غيرها بقي الحكم على الأصل وهو المحبة.
ــ
[البناية]
[قال لها إذا حضت فأنت طالق فرأت الدم]
م: (وكذا) ش: أي وكذا الحكم في أن القول قول المرأة في حقها دون حق غيرها م: (لو قال) ش: الزوج لامرأته: م: (إن كنت تحبين أن يعذبك الله في نار جهنم فأنت طالق وعبدي حر فقالت: أحبه) ش: فالقول قولها في حق نفسها فتطلق ولا يقبل في حق غيرها، فلا يعتق العبد.
م: (أو قال) ش: أي أو قال زوج لامرأته: م: (إن كنت تحبيني) ش: يجوز بنون العماد وبتركه أيضاً لأنه ليس بلازم في المضارع الذي في آخره نون الإعراب م: (فأنت طالق وهذه معك) ش: وأشار بهذه إلى ضرتها وعبدي حر م: (فقالت: أحبك، طلقت هي) ش: أي المرأة المخاطبة ولم يعتق العبد ولم تطلق صاحبتها) وهي ضرتها، أطلق عليها صاحبتها باعتبار الظاهر.
وفي الحقيقة هي عدوتها م: (لما بينا) ش: إشارة إلى قوله أمينة في حق نفسها، شاهدة في حق ضرتها.
م: (ولا يتيقن بكذبها لأنها لشدة بغضها إياه) ش: أي زوجها، والبغض ضد الحب واستعمل بمعنى الإبغاض، حيث ذكر له مفعولاً، وهو قوله: إياه، أي لشدة إبغاض المرأة زوجها.
م: (قد تحب التخليص منه) ش: أي من الزوج م: (بالعذاب) ش: أي بعذاب نار جهنم، لأن الجاهل قد يختار عذاب الآخرة على صحبته من بغضه فلم يتيقن بكذبها م: (وفي حقها) ش: أي وفي حق المرأة المخاطبة م: (أن تعلق الحكم بٍإخبارها) ش: أن بفتح الهمزة يجوز أن تكون زائدة كما في قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ} [يوسف: ٩٦] (يوسف: الآية٩٦) .
ويقال: لما أن جاء أكرمته، ويجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون مخففة من الثقيلة على أن ضمير الشأن فيها مستتر.
م: (وإن كانت كاذبة) ش: كلمة إن هذه بالكسر واصلة بما قبله م: (ففي حق غيرها بقي الحكم على الأصل، وهو) ش: أي الأصل م: (المحبة) .
ش: وبقولنا قال الشافعي وأحمد في ظاهر مذهبه، وعنه إن كذبها لا يقع. ولو قال لها: إن كنت تحبيني بقلبك فأنت طالق، فقالت أحبك بقلبي، أو قالت أحبك، وكذبها الزوج طلقت عندهما.
وقال محمد: إن كانت كاذبة فيما بينها وبين الله تعالى لا تطلق.