وقالا هو ضامن؛ لأنه أكل مال المالك بغير إذنه، إذ الإجارة قد صحت على ما مر. وله أن الضمان إنما يجب بإتلاف مال محرز؛ لأن التقوم به وهذا غير محرز في حق الغاصب؛ لأن العبد لا يحرز نفسه عنه فكيف يحرز ما في يده. وإن وجد المولى الأجر قائما بعينه أخذه؛ لأنه وجد عين ماله، ويجوز قبض العبد الأجر في قولهم جميعا؛ لأنه مأذون له في التصرف على اعتبار الفراغ على ما مر.
ومن استأجر عبدا هذين الشهرين شهرا بأربعة وشهرا بخمسة فهو جائز، والأول منهما بأربعة؛ لأن الشهر المذكور أولا ينصرف إلى ما يلي العقد تحريا للجواز.
ــ
[البناية]
وعند الثلاثة يرجع المالك على الغاصب بأجر المثل كما لو أجر العبد نفسه، وإن أجره المولى فليس للعبد أن يقبض الأجرة إلا بوكالة المولى، لأنه هو العاقد م:(وقالا: هو ضامن، لأنه أكل مال المالك بغير إذنه إذ الإجارة قد صحت على ما مر) ش: أشار به إلى وجه الاستحسان المذكور آنفا، وبه قالت الثلاثة - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.
م:(وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(أن الضمان إنما يجب بإتلاف مال محرز، لأن التقوم به) ش: أي تقوم المال يثبت بالإحراز م: (وهذا) ش: أي هذا المال م: (غير محرز في حق الغاصب، لأن العبد لا يحرز نفسه عنه) ش: أي عن الغاصب م: (فكيف يحرز ما في يده) ش: وهذا لأن الإحراز إنما يكون بيد المالك أو يد نائبه، ويد الغاصب ليست لهما، ويد العبد كذلك لأنه في يد الغاصب.
فإن قيل: الغاصب إذا استهلك ولد المغصوبة ضمنه والإحراز فيه.
أجيب: بأنه تابع للأم لكونه جزءا منها وهي محرزة، بخلاف الأجر فإنه حصل من المنافع وهي غير محرزة.
م:(وإن وجد المولى الأجر قائما بعينه أخذه، لأنه وجد عين ماله) ش: ولا يلزم من بطلان التقوم والعصمة بطلان الملك كما في نصاب السرقة بعد القطع، فإنه يأخذ إذا وجد ولا يضمن بإتلافه عندنا م:(ويجوز قبض العبد الأجر في قولهم جميعا، لأنه مأذون له في التصرف على اعتبار الفراغ على ما مر) ش: أشار به إلى قوله والنافع مأذون فيه، وفائدة هذا تظهر في حق خروج المستأجر عن عهدة الأجرة فإنه يحصل بالأداء إليه.
م:(ومن استأجر عبدا هذين الشهرين شهرا بأربعة وشهرا بخمسة فهو جائز والأول منهما) ش: أي والشهر الأول من الشهرين م: (بأربعة، لأن الشهر المذكور أولا ينصرف إلى ما يلي العقد تحريا للجواز) ش: أي طلبا لصحة العقد، كما لو سكت عليه فقال استأجرت عبدك هذا شهرا هكذا فإنه ينصرف إلى ما يليه تحريا لصحة العقد، فكذا هذا.