ش: أي هذا فصل في بيان أحكام الأسآر وغير الأسآر والمناسبة بين الفصلين، أعني هذا الفصل والفصل الذي قبله، وهو فصل البئر هي أنه لما بين أحكام ماء البئر من حيث وقوع الحيوانات فيها استدعى ذلك ذكر الأحكام المستنبطة بسؤرها. وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مناسبة هذا الفصل لما تقدم من حيث إن بعض الأسآر مما يجوز به الوضوء، فاحتاج إلى ذكر الأسآر ليفصل ذلك النقص منها.
قلت: ما تقدم هذا الفصل أنواع، وكان ينبغي أن يبين أي نوع منها يناسب ذكر هذا الفصل، والوجه ما ذكرناه. وقال السروجي: علم أن الماء القليل نجس بوقوع الحيوان النجس السؤر فيه فلا بد لنا من معرفة الأسآر وأنواعها وأحكامها.
قلت: هذا أبعد من الأول؛ لأن تنجيس الماء القليل لا يقتصر على وقوع الحيوان النجس السؤر، وأيضا وجه المناسبة لا يراعى إلا بين الفصلين دون أن يراعى بين فصل وبين مسألة فصل عليه فقط، ثم السؤر مهموز العين اسم للبقية بعد الشرب، يعني بقية الماء التي أبقاها الشارب في الإناء، ثم عم استعماله فيه وفي الطعم.
فإن قلت: إذا كانت السؤر اسما فما المصدر من هذا الباب، ومن أي باب هو؟
قلت: المصدر سأرا من سأر يسأر سأرا من باب فتح يفتح، ومعناه أفضل وهو فعل متعد، وفي " العباب " سئر يسأر إذ بقي، وسأر إذا أفضل فضلة والفعل على قوله الأول من باب علم يعلم والثاني من باب فتح يفتح كما ذكرنا. ثم قال في " العباب ": وأسأر بقية السؤر، يقال: إذا شربت فأسر أي أبق شيئا من الشراب في مغب الإناء، والفعل سأر على غير القياس سئر وأسأر وعلى هذا الوجه قول الأخطل:
شارب ريح بالكؤوس ما رمى ... لاقى بالحصور ولا فيها يسأر
ونظيره أخبره فهو خبار، وأدركه فهو دراك، وأقصر عن كفؤه نزع من القدرة فهو قصار، ويجوز من هذا كله مفعل على القياس. قلت: القياس مخبر ومدرك ومقصر ومنزع كما ذكره. وقال في " العباب " أيضا من همزة السورة من سؤر القرآن، فقال سؤرة جعلها بمعنى بقية من القرآن وقطعة.
فإن قلت: لم ذكر المصنف السؤر بالجمع؟
قلت: لأن السؤر على أنواع، قال في " المبسوط " و" المحيط " و" الينابيع " و" البدائع " و" التحفة "