قال: ولا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه إلا في النسب والموت والنكاح والدخول وولاية القضاء، فإنه يسعه أن يشهد بهذه الأشياء إذا أخبره بها من يثق به، وهذا استحسان، والقياس أن لا تجوز؛ لأن الشهادة مشتقة من المشاهدة، وذلك بالعلم ولم يحصل، فصار كالبيع. وجه الاستحسان أن هذه أمور تختص بمعاينة أسبابها خواص من الناس، ويتعلق بها أحكام تبقى على انقضاء القرون، فلم لم يقبل فيها الشهادة بالتسامع أدى إلى الحرج وتعطيل الأحكام
ــ
[البناية]
[[شهادة الشاهد بشيء لم يعاينه]]
م:(قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (ولا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه إلا في النسب) ش: طريق معرفة النسب أن يسمع من فلان بن فلان من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وعندهما إذا أخبره عدلان أنه ابن فلان تحل له الشهادة م:(والموت) ش: إذا سمع من الناس أن فلانا مات أو رآهم صنعوا ما يصنع بالموتى وسعه أن يشهد على موته وإن لم يعاين ذلك.
وروى ابن سماعة عن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذا أخبرك واحد عدل بالموت وسعك أن تشهد م: (والنكاح) ش: إذا رأى رجلا يدخل على امرأة وسمع من الناس أن فلانا زوجه فلا وسعه أن يشهد أنها زوجته، وإن لم يعاين عقد النكاح.
م:(والدخول) ش: أن يسمع ناسا يقولون: إن فلانا تزوج بفلانة م: (وولاية القاضي) ش: إذا رأى رجلا قضى لرجل بحق من الحقوق وسمع من الناس أنه قاضي هذه البلدة وسعه أن يشهد أنه قاضي بلدة كذا، قضى لفلان بكذا، وإن لم يعاين تقليد الإمام إياه م:(فإنه) ش: أي فإن الشاهد م: (يسعه أن يشهد بهذه الأشياء) ش: الخمسة المذكورة، وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - والشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول، ومالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية: إن كان في غاية الشهرة.
وقال بعض أصحاب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يجوز في النكاح، وبه قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية م:(إذا أخبره بها) ش: أي إذا أخبر المشاهد بهذه الأشياء م: (من يثق به) .
م:(وهذا استحسان والقياس أن لا تجوز) ش: الشهادة بالتسامع م: (لأن الشهادة مشتقة من المشاهدة، وذلك) ش: يحصل م: (بالعلم ولم يحصل، فصار) ش: حكم هذا م: (كالبيع) ش: حيث لا يجوز الشهادة فيه بالتسامع لعدم المشاهدة م: (وجه الاستحسان أن هذه أمور تختص بمعاينة أسبابها خواص من الناس) ش: لا يطلع عليها إلا هم م: (ويتعلق بها أحكام تبقى على انقضاء القرون) ش: كالإرث والنسب والموت والنكاح وثبوت الملك في قضاء القاضي، وكثبوت كمال المهر في الدخول ونحو ذلك مثل النسب والعدة والإحسان.
م:(فلو لم يقبل فيها الشهادة بالتسامع أدى إلى الجرح وتعطيل الأحكام) ش: لأن العادة لم تجر