ومن لم ينو في رمضان كله لا صوما ولا فطرا فعليه قضاؤه وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يتأدى صوم رمضان بدون النية في حق الصحيح المقيم؛ لأن الإمساك مستحق عليه فعلى أي وجه يؤديه يقع عنه، كما إذا وهب كل النصاب من الفقير. ولنا: أن المستحق الإمساك بجهة العبادة، ولا عبادة إلا بالنية، وفي هبة النصاب وجد نية القربة على ما مر في الزكاة
ــ
[البناية]
عن محمد أنه لا يقضي ما مضى في الأصل كالصبي ولا رواية عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - واختلف فيه المتأخرون على قياس مذهبه، والأصح أنه ليس عليه قضاء ما مضى وبه قال ابن الماجشون المالكي.
وفي " البدائع ": الجنون العارض، إذا أفاق في أوله، أو في وسطه، أو في آخره قضى جميعه، وفي الأصلي روي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه سوى بينهما.
[[حكم اشتراط النية في صوم رمضان]]
م:(ومن لم ينو في رمضان كله لا صوما ولا فطرا فعليه قضاؤه) ش: هذه المسألة من خواص " الجامع الصغير "، ثم لا بد من التأويل لهذه المسألة لما أن دلالة حال المسلم كافية لوجود النية، ألا ترى أن من أغمي عليه بعدما غربت الشمس من الليلة الأولى من رمضان أنه يصير صائماً في يومها ولم يعرف منه نية الصوم ولا الفطر لما أنا حملنا أمره على النية على ظاهر حاله.
قال السغناقي: ثم قال مشايخنا تأويل هذه المسألة أن يكون مريضاً أو مسافراً أو منتهكاً اعتاد الفطر في رمضان حتى لا يصلح حاله دليلاً على العزيمة ونية الصوم، ذكره فخر الإسلام - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
م:(وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يتأدى صوم رمضان بدون النية في حق الصحيح المقيم) ش: أبو شجاع هو الذي روى هذا القول عن زفر، وروي هكذا عن عطاء ومجاهد واستبعدوا هذا من زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - وكان الكرخي ينكر أن يكون هذا مذهبه عنه ويقول مذهبه أنه يتأدى كله بنية واحدة، وهو قول مالك وإسحاق ورواية عن أحمد وإنما قيد بالصحيح والمقيم؛ لأن المريض والمسافر لا بد لهما من النية بالاتفاق م:(لأن الإمساك مستحق عليه فعلى أي وجه يؤديه يقع عنه) ش: لأنه متعين بأصله ووصفه بتعيين الله عز وجل، فلما لم يلزم تعيين الوصف لم يلزمه تعيين الأصل لتبعيته م:(كما إذا وهب كل النصاب من الفقير) ش: فإنه تسقط عنه الزكاة.
م:(ولنا: أن المستحق الإمساك بجهة العبادة، ولا عبادة إلا بالنية) ش: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الأعمال بالنيات» م: (وفي نية النصاب وجد نية القربة على ما مر في الزكاة) ش: باختيار المحل ووجد معنى القربة لحاجة المحل، ألا ترى أن من وهب لفقير شيئاً لا يملك الرجوع لحصول الثواب له.
فإن قلت: إعطاء النصاب لفقير واحد للزكاة باطل عند زفر فكيف ذكر الجواز ها هنا على مذهبه؟. قلت: قالوا: جاز أن يكون المراد منه أي على مذهبكم، وقيل: تأويله أن يكون الفقير مديوناً فعند ذلك يجوز أداء النصاب زكاة بالاتفاق.