ولا يشترط نية التيمم للحدث أو للجنابة، وهو الصحيح من المذهب.
ــ
[البناية]
وليس كذلك الماء، فإنه بالطبع مطهر فلم تشترط فيه النية، وأشار إلى هذا بقوله: م: (والماء طهور بنفسه على ما مر) ش: أي بطبعه فلا يحتاج إلى النية، بخلاف التراب فإنه ملوث بطبعه فافترقا، وقال الأكمل: قوله: والماء طهور بنفسه جواب سؤال تقديره أن الماء أيضاً في الآية جعل طهورا في حالة مخصوصة كما ذكرتم، فكان الواجب أن تكون النية فيه شرطاً، وتقدير الجواب أن الماء طهور بنفسه أي عامل بطبعه، فلا يحتاج إلى النية كما في إزالة النجاسة العينية.
قلت: السؤال غير موجه؛ لأنا نقول فيه أن الماء أيضاً في الآية جعل طهوراً في حالة مخصوصة وليس كذلك، بل الماء مطهر في جميع الحالات، وليست طهارته مقتصرة على إرادة الصلاة بخلاف التراب، فإن طهارته مقتصرة على وقت إرادة الصلاة كما ذكرنا، وفي الجواب أيضاً نظر؛ لأن قياس الوضوء على إزالة النجاسة المعينة غير صحيح؛ لأن الوضوء من باب المأمورات، وإزالة النجاسة من باب المتروك كترك الزنا واللواطة ورد المغصوب قبل الطهارة ترك الحدث.
وعورض بأن الوضوء ليس ترك الحدث، بدليل الوضوء على الوضوء، أجيب بأنه ليس طهارة ترك الحدث على الحقيقة لتحصيل الحاصل، وإنما جعل طهارة مجازاً في حق الآخر، ولهذا لم يجعل الغسل على الغسل مثله عندنا، وعند الخصم على المذهب الصحيح المشهور على ما مر في باب أحكام المياه.
م:(ثم إذا نوى الطهارة أو استباحة الصلاة أجزأه) ش: لأن التيمم طهارة لا يلزمه نية أسبابها كما في الوضوء، فلا يشترط التعيين، ألا ترى أنه لو توضأ للظهر يجوز أداء العصر به، وكذا على العكس.
[[نية التيمم للحدث أو الجنابة]]
م:(ولا يشترط نية التيمم للحدث أو الجنابة) ش: لأن الشرط يراعى وجوده لا غير، فلا يشترط التعيين م:(وهو الصحيح من المذهب) ش: أي عدم اشتراط التعيين هو الصحيح من المذهب احترازاً عما روي عن الإمام أبي بكر الرازي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فإنه كان يقول: يحتاج إلى نية للحدث أو الجنابة؛ لأن التيمم لهما بصفة واحدة، فلا يتميز أحدهما عن الآخر كصلاة الفرض عن النافلة وهو صحيح، فإن محمد بن سماعة روى عن محمد أن الجنب لو تيمم يريد به الوضوء أجزأه عن الجنابة، والحاجة إلى النية لتقع طهارة واستباحة الصلاة مثلها، وفي الجنابة ينوي استباحة الصلاة، ولو نوى رفع الحدث لم يصح تيممه في أصح الوجهين.
وعن بعض أصحاب أبي حنيفة أنه يرفع الحدث، ولا بد في استباحة الصلاة في التيمم للفرض عند أصحاب الشافعي، وهو قول مالك وأحمد، وهل يفترق إلى تعيين الفرض من ظهر وعصر؟