وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: في مثله حكومة عدل. وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه يجب أجرة الطبيب.
وإن ضرب رجلا مائة سوط وجرحه وبقي له أثر تجب حكومة العدل لبقاء الأثر، والأرش إنما يجب باعتبار الأثر في النفس.
ــ
[البناية]
ألا ترى أنه لو ضربه، أو لطمه، أو وكزه فتألم، ولم يؤثر فيه، لا يجب شيء، ذكره المحبوبي وهو ظاهر الجواب وعليه التقرير.
م:(وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: في مثله: حكومة عدل) ش: وتفسير حكومة العدل يجيء في آخر فصل الشجاج.
م:(وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه يجب أجرة الطبيب) ش: وثمن الأدوية، وذكر الاختصاص في الضربة واللطمة بالسوط لأنه لا يمكن اعتبار المساواة إلا إذا رضي الضارب به فيستوي؛ لأن الامتناع لحقه كيلا يكون يستوفي منه بأكثر مما جنى عليه، فإذا رضي فقد أسقط حقه من الزيادة. وفي" النوازل ": قال لآخر: خبيث جاز له أن يقول: بل أنت، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}[النساء: ١٤٨] ، وكذا في كل كلمة لا يجب الحد.
وقيل: معنى الآية: هو الرجل يشتمك فتشتمه، ولكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه. كذا ذكره التمرتاشي.
[[ضرب رجل مائة سوط وجرحه وبقي له أثر]]
م:(وإن ضرب رجل مائة سوط وجرحه وبقي له أثر تجب حكومة عدل) ش: هذه من مسائل " الجامع الصغير "، وصورتها فيه: محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، عن يعقوب - رَحِمَهُ اللَّهُ -، عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: في الرجل يضرب الرجل مائة سوط فيجرحه ويبرأ منها، قال: على الضارب أرش الضرب. انتهى.
وقال الصدر الشهيد - رَحِمَهُ اللَّهُ - وغيره: وهذا إذا بقي أثر الضرب، فإن لم يبق، لا يجب شيء عند أبي حنيفة كما في المسألة المتقدمة، وهذا إذا جرح ثم برأ، فأما إذا لم يجرح في الابتداء لا يجب شيء بالاتفاق.
وقال أبو الليث - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يعرف الضرب بأنه لو كان عبدا لم ينقص من قيمته، فيجب عليه الدية، ذلك المقدار م:(لبقاء الأثر، والأرش إنما يجب باعتبار الأثر في النفس) ش: إذا لم يبرأ وليس بموجود.
وهذا يشير إلى أنه إذا لم يجرح في الابتداء لا يجب شيء بالاتفاق، وإن جرح، واندمل ولم يبق لها أثر فكذلك كما هو أصل أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لأنه لم يكن إلا بمجرد الألم وهو لا يجب شيئا كما لو ضربه ضربا مؤلمًا.