وإنما يحرم القليل منه؛ لأنه يدعو لرقته ولطافته إلى الكثير، فأعطي حكمه،
ــ
[البناية]
شراب» بواو العطف، ولا شك أن المعطوف غير المعطوف عليه، فيكون ما نحن فيه من الشراب غير الخمر لا يكون حراما إلا بالسكر.
م:(ولأن المفسد هو القدح المسكر، وهو حرام عندنا) ش: أي المفسد للعقل هو القدح، وهو حرام عندنا فيما سوى الأشربة المحرمة لا ما قبله.
فإن قلت: القدح الأخير ليس بمسكر على انفراد، بل مما تقدم ينبغي أن يحرم ما تقدم أيضا؟.
قلت: أجيب: بأن الحكم يضاف إلى العلة معنى وحكما، وفيه نظر؛ لأن الإضافة إلى العلة اسما، ومعنى، حكما أولى، والمجموع بهذه الصفة، والأولى أن يقال: الحرام هو المسكر، وإطلاقه على ما تقدم مجاز، وعلى القدح الأخير حقيقة وهو مراد، فلا يكون المجاز مرادا.
وقد قال تاج الشريعة: السكر ما يتصل به السكر بمنزلة المتخم من الطعام، وهو ما يتصل به من التخمة، فإن تناول الطعام بقدر ما يغذيه، وهو به حلال، وهو ما يتخم، وهو الأكل فوق الشبع حرام، ثم المحرم منهما وهو المتخم وإن كان لا يكون ذلك متخما إلا باعتبار ما تقدمه من الأكلات. وكذلك في الشراب.
قد قال أبو يوسف: مثل ذلك: كمثل دم في ثوب ما دام قليلا فلا بأس بالصلاة فيه، فإذا كثر لم يحل، ومثل رجل ينفق على نفسه وأهله من كسبه فلا بأس بذلك، فإذا أسرف في النفقة لم يصلح له ذلك، ولا ينبغي، وكذلك النبيذ لا بأس أن يشربه على طعامه، ولا خير في السكر منه؛ لأنه إسراف، وأظهر من ذلك أن الضمان من ذلك أن الضمان يضاف إلى واضع المن الأخير في السفينة وإن لم يحصل الفرق بدون ما تقدم من الأمناء، وهذا لأنه لم يوجد التلف حكما بما تقدم من كلامنا، وإنما وجد ذلك، بفعل فاعل مختار، فأضيف الفرق لولي المن الأخير، فكذا هنا أضيف السكر على القدح الأخير الذي يحصل به السكر حقيقة لا ما تقدم من الأقداح.
[[الحكمة من تحريم الخمر]]
م:(وإنما يحرم القليل منه) ش: أي من الخمر، هذا جواب سؤال مقدر يمكن تقديره على هذا الوجه، وهو أن يقال: لما كان المفسد هو الأخير دون ما تقدم وجب أن يكون في الخمر كذلك، ويجوز أن يكون جوابا عن قولهم؛ ولأن المسكر يفسد العقل، فيكون حراما قليله وكثيره؟.
ووجه الجواب عن الأول: أن القياس ذلك، ولكن تركناه م:(لأنه يدعو لرقته ولطافته إلى الكثير) ش: أي لأن الخمر لرقتها ولطافتها تدعو إلى الكثير م: (فأعطي حكمه) ش: أي فأعطي